الأحد، يوليو 10، 2011

إعلام الثورة بين المد والجزر

عناوين أخبار ومواقف رسمية غريبة صارت تملأ فضاء الإعلام، تختلف في موضوعها، وتتفق في هدفها، وهو حجب سماء الحقيقة الساطعة للثورة، فمن لم تطاله فوهات المدافع والصواريخ القذافية، يجب أن تطاله فوهات أقلام المرتزقة، لأنه لا "ناتو" في فضاء الإعلام المفتوح.

تكفل الأخ صالح عبد الله السليمان بكشف تدليس وكالة رويترز عبر مثال عملي، نسأل المولى أن يجازيه عنا خيرا.

ولكن يبدو أن الثقب "الشَرك بلهجتنا الدارجة" صار ثقوباً، وزخات المطر الأصفر (كناية عن الإعلام غير النزيه) صارت قادرة على النفاذ من سقف الإعلام المؤيد للثورة الذي كنا نستظل به، وعلى هذا الصعيد، يبدو أنه لا مفر للأسف من الاعتراف بأن الجهاز الإعلامي للمجلس الانتقالي لم يعد قادراً على مجاراة الحرب الإعلامية، ربما ليس بسبب التقصير، ولكن بسبب ما يبدو ثماراً لاتفاقات تمت في الخفاء بين “أحد ما” من داخل منظومة القذافي مع وسائل إعلام، وشخصيات رسمية، والثمن أرقام ووعود.

فبعد موقف إيطاليا المخيب للآمال بسحبها كبرى سفنها تحت ذريعة تقليص الإنفاق العام، تلاها تصريح برلسكوني الغريب حول قلة حيلته تجاه ما أقره البرلمان الإيطالي بشأن المشاركة مع الناتو في تنفيذه لقرار مجلس الأمن.

وكشجرة شيطانية، أخذت الأخبار والمواقف الغريبة تتوالى، سيناتور ما في الكونغرس يسحب مقترح دعم الثوار الليبيين عسكريا بحجة تقليل الإنفاق، جنرال آخر في فرنسا يتحدث عن طول أمد محتمل للأحداث الدائرة، ووجهين مقيتين لوزير خارجية إيراني وآخر جزائري يتحدثان عن مقترحات للتسوية بين الطرفين، دعك طبعاً من مواقف أفريقية مخجلة كموقف رئيس جنوب أفريقيا ورئيس الاتحاد الأفريقي دفاعا عن القذافي وعن عدم التزامهم بتنفيذ مذكرة الاعتقال، لتأتي أخيرا الصحافة السورية1 لتتحدث عن الأحداث وكأنها تتحدث عن ليبيا أخرى في كوكب آخر ضحاياها بضع مئات، ولم لا، أليس بشار ومعمر "في الهوا سوا"، لا حاجة طبعا للحديث عن إطلالات سيف الباطل ورئيس الحكومة البغدادي ولا عن أذنابهما كالمدعو أبو قيلة، فلنا معهم شأن بإذنه تعالى .

بيت القصيد، الحراك السياسي والإعلامي وإن كان كرقصة مذبوح، ولكنه قطعا مؤثر على الداخل الأسير والخارج الكسير، كلاهما يحتاجان إلى إعلام مضاد إن لم يكن إعلام مبادر لا مدافع.

ولكن، هل يقع اللوم كله حقا على الانتقالي؟

الإجابة ببساطة: لا.

كيف؟

جولة بسيطة حول سلاح الإنترنت الفتاك "فسبوك" تجعلنا ندرك عدد الشباب -وأنا أحدهم- الذين يقتصر دورهم على "استهلاك" الحدث، دون "إنتاجه" أو على الأقل المشاركة فيه.

كم من شخص يمتلك القدرة على الكتابة والتحرير؟

كم من شخص يجيد اللغة الإنجليزية؟

كم من شخص لديه صفات قيادية تؤهله لقيادة فريق عمل؟

كم من شخص لديه قدرة على الإبداع والتخطيط؟

أليس من الممكن تسخير كل هذه الإمكانات لتشكيل جبهة دفاعية وحتى هجومية لمتابعة الأخبار والأحداث في كافة الوسائل الإعلامية العربية والعالمية والرد عليها رداً موضوعياً يخدم الثورة ويفوت كل فرصة للالتفاف عليها أو تسفيهها؟

أليس من الممكن أن يعمل هذا الجناح الشاب بالتزامن والتنسيق مع الملف الإعلامي للانتقالي؟

هل من الممكن حدوث هذا؟

نعم من الممكن، يظن محرر هذه السطور أنه يستطيع تقديم تصور بالخصوص، ولكنه يدرك أن التصور سيظل قاصراً أو أحادي المنظور إن لم يتكامل من خلال عصف فكري مع عقول أخرى لتشكيل هذه الجبهة.

جبهة التحرير الإلكتروني.

بالمناسبة، وعلى اعتبار أن صفحة 17 فبراير كانت نواة الثورة الإلكترونية، أعتقد أنها الأصلح عددا وقدرا لتكون مقراً للعصف الفكري الذي أتمنى له أن يشتد ليقتلع أي محاولات من إعلام القذافي للتمدد والرسوخ.

فهل نحن لها؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق