الخميس، يوليو 07، 2011

خفايا وأسرار سبتمبر 1969



العقل المدبر -  الوسيط -  الشريك -  القائد العام

خفايا وأسرار حركة الضباط الوحدويين الأحرار في سبتمبر 1969
المؤامرة والخديعة

تقديم

لاقت مقالة الكاتب مفتاح فرج عن أسرار وخفايا الإنقلاب العسكري الذي انطلق من بنغازي عند الساعة الثانية والنصف من صباح يوم الإثنين فاتح سبتمبر 1969، التي نشرت على موقع "أخـبار ليـبـيا" في 29 مايو 2005 إقبالا منقطع النظير من قبل القراء.

كاتب المقالة عاصر ذلك الحدث الهام، وهو شاهد عيان على الكثير من المواقف والوقائع التي يسردها فيها. وقد حرص على إعدادها بطريقة علمية وبحثية متقنة، متحرياً الدقة والإنصاف في عرض الحقائق والوقائع كما عاصرها شخصياً. كما حرص الكاتب على استقاء المعلومات من مصادرها الرئيسية وتفادي نقل الروايات دون التحقق من صحتها، واعتمد في غالبية ما كتب على ما رآه أو سمعه مباشرة أو ما نقله عن مصادره الأصلية.

بعد نشر المقالة الأولى وردت إلينا استفسارات واستيضاحات حول عدة نقاط أحلناها على الكاتب الذي قام مشكوراً بمراجعتها وأخذها في الاعتبار. كما تفضل بإضافة معلومات جديدة على قدر كبير من الأهمية في سياق الموضوع. ويسرنا أن ننشر المقالة مضافاً إليها أقوال وصور لشخصيات مذكورة فيها بعضها ينشر لأول مرة، وذلك زيادة في الفائدة وإسهاماً في تسجيل تاريخ ليبيا وتوثيقه وتوفير المعلومات الصحيحة للأجيال القادمة.

ولعل نشر هذه المقالة الوثائقية التاريخية يكون حافزاً لشخصيات ليبية أخرى عاصرت تلك الفترة، وربما ساهمت في صنع أحداثها أو كانت شاهد عيان عليها، أن تبادر بالكتابة وإلقاء الضوء على مزيد من تلك الأحداث والوقائع تعميماً للفائدة واستكمالاً للصورة.
أخـبار ليـبـيا

الغرض من مراجعة وتحديث هذا البحث هو تقديم المزيد من المعلومات والشواهد والقرائن الهامة عن خلفيات حركة "الضباط الوحدويون الأحرار" في فاتح سبتمبر 1969 وكشف العلاقة الوثيقة التي كانت قائمة قبل الإنقلاب ـ ثم تعززت بعده ـ مع جهات أجنبية وشخصيات مشبوهة أو ذات علاقات مشبوهة بقوى خارجية. ومن أهم وأخطر هذه الشخصيات هو القاضي ورجل القانون مصطفى كمال المهدوي.

وقد لفت انتباهنا الإقبال الهائل للقارئ الليبي على مقالتنا الأولي. كما رصدنا رد فعل أجهزة النظام الليبي، من محاولاته لتدمير موقع "أخـبار ليـبـيا" لنشرها المقالة،1 إلى ما جاء على لسان العقيد القذافي في خطابه يوم 11 يونيو 2005 في ذكرى خروج القوات الأمريكية من ليبيا.2

إن المعلومات والحقائق التي أصبحت اليوم في متناول الباحثين والمؤرخين، والتي نكشف بعضها في هذه المقالة، تجعل من الأمانة العلمية والتاريخية مراجعة الحيثيات والظروف والمعطيات التي نفذت فيها عملية فاتح سبتمبر 1969، وتحديد دور القوى الدولية والإقليمية والمحلية فيها، أو مدى تبنيها ودعمها لها بعد أن نجحت .

لقد أثبتت المعلومات التي نشرت منذ قيام حركة سبتمبر 1969 أن الإنقلاب العسكري لم يكن مفاجأة للعديد من الشخصيات العسكرية والسياسية داخل ليبيا ولبعض المراقبين الدوليين والقوى الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. كما بينت أن نجاح الإنقلاب لم يكن لأسباب وعوامل موضوعية صرف بل إن ظروفاً معينة ومفارقات وأطراف عديدة ساهمت في تسهيل سيطرة حركة الضباط الصغار على السلطة وزمام الأمور في البلاد دون إراقة دماء أو مصادمات مسلحة.

إن تورط القوات المسلحة الليبية في إنقلاب عسكري ضد النظام الملكي المستقر آنذاك كان مغامرة لا داعي ولا مبرر لها، وقد حرصت في هذه المقالة على تقديم الوقائع والحقائق والملابسات والروايات والربط بينها بكل دقة وموضوعية. وأرجو من إخوتى منتسبي القوات المسلحة ـ التى ربما كانت هي المتضرر الأول والضحية الأكبر للعهد الجديد ـ التمعن في ما جاء في هذه المقالة ومراجعة أنفسهم ومواقفهم تجاه الوطن والمواطنين وأن يعوا الدروس تحاشياً للتورط في المزيد من المغامرات والكوارث التي لا يرجى منها لبلادنا العزيزة أي خير.

لقد كانت العقود الثلاثة الماضية سنين إبتلاء وتمحيص لجميع الليبيين.. مدنيين وعسكريين، حكاماً ومحكومين. ولقد حان الوقت أن تتوحد صفوف المخلصين من أبناء هذا الوطن وينبذوا ما بينهم من فوارق وخلافات وأن يتسلحوا بالعلم والإيمان والعمل بجد وإتقان بما يرضى الله ورسوله.. وألا يدعوا لليأس والتشاؤم سبيلا إلى نفوسهم، فهذه ليست من شيم المؤمنين، ونصر الله آت للمظلومين وأصحاب الحقوق لا محالة وسيلقى العملاء والظلمه عقابهم، وسيجتمع الشمل وستعود بإذن الله البسمة والمحبة والحقوق لأهلها في ربوع بلدنا الحبيب.

تحية لكل النفوس والقلوب الحية من أبناء شعبنا الصابر ونبشر الظالمين والمفسدين بنهاية وخيمة لن تنفع في ردها الملايين ولا المليارات المسروقة من خزينة الشعب الليبي والمودعة بأسماء الأبناء والأقارب والأحفاد، ولا القوات الخاصة ولا حتى الخلايا العسكرية النائمة في النمسا وكندا.

تحية للشهداء الأبرار وللمناضلين في السجون، وتحية للعلماء وللقضاة الذين تصدوا ومازالوا يتصدون للظلم والقمع والإفتراء والتضليل، وتحية إلى كل المناضلين الشرفاء في داخل ليبيا وخارجها.

هذه المقالة مهداة لجموع الشعب الليبي بأسره وللأجيال القادمة، ونرجو أن تكون بإذن الله خطوة على الطريق الصحيح في التأريخ لانقلاب سبتمبر 1969. ويرجى من الإخوة القراء الرجوع إلى المقالة من حين لآخر فقد تضاف إليها معلومات جديدة، مع تصويب أخطائنا إن وجدت.. ونرجو من كل من لديه تعليق أو معلومة أو صورة يرى أنها يمكن أن تثرى المقالة فليبادر بإرسالها إلينا وسيسعدنا إضافتها للمقالة، وجزاكم الله خيراً.

ستحاول المقالة الإجابة على العديد من الأسئلة من بينها:

ما هو الأسم الحركي الرسمي غير المعلن لحركة "الضباط الوحدويين الأحرار"؟

لماذا اختارت أمريكا مجموعة الملازمين دون غيرهم من الرتب الأعلى؟

كيف تمكن الأمريكان من التعرف على مجموعة الإنقلاب والسيطرة عليها؟

هل كان اللواء نورى الصديق بن إسماعيل وعبدالحميد البكوش على علم بتحركات مصطفى المهدوي؟

لماذا تقاعس الرائد أحمد بوغولة في القبض على مجموعة الإنقلاب في مارس 1969؟

لماذا فُصل العقيد فوزى الدغيلي من تنظيم العراق؟

هل تنازل الملك إدريس عن الحكم للعقيد عبدالعزيز الشلحي؟

هل كان العقيد الشلحي على اتصال بالقيادة المصرية؟

لماذا لم يخبر مصطفي بن حليم صديقه الوفي الملك إدريس عما كان يدبره المهدوي والأمريكان؟

هل كان للماسون دور في إنقلاب سبتمبر 1969؟

ماذا كان رد فعل العميد علي عقيل على مكالمة العقيد مختار كانون صبيحة الأول من سبتمبر 1969؟

من هو القائد الفعلي لإنقلاب سبتمبر 1969؟

كيف ولماذا حاول قائد الإنقلاب معمر القذافي اقتحام قاعدة الملاحة يوم السبت 18 أكتوبر 1969؟

من رشح الشيخ محمود صبحي والقاضي عبدالعزيز النجار لعضوية محكمة الشعب؟

كم دفع الإنقلابيون للأمريكان والإنجليز مقابل إخلاء قواعدهم في ليبيا؟

لماذا قرر صالح مسعود بويصير في فبراير 1973 عدم العودة إلى ليبيا؟

ما هى أهداف وخطط مصطفى المهدوي والإنقلابيين تجاه ليبيا؟

ما هى العلاقة بين المهدوي والدكتور مصطفى محمود والقرآنيين في مصر؟

ما سر المساعدات الليبية لأفريقيا؟

هل أفتى الشيخ الطاهر الزاوي بكفر القذافي؟

أين دُفن جثمان السيد الإمام محمد بن على السنوسي وابنه السيد محمد الشريف؟

لماذا طرد العقيد الركن صالح السنوسي المبعوث الليبي من العراق؟

كيف انتقل العقيد الركن رمضان صلاح من مساعد للفريق علي عامر إلى تاجر رخام؟

من هم السادة: سعد قيطون، عبدالرحمن العدولي، علي سالم التير، عبدالسلام بوراس وأحمد شفير؟



هذه الوثيقة التاريخية مهداة إلى المناضل الكبير السيد أحمد الزبير السنوسي الذى ذاق مرارة النفيّ القسري ثم السجن الإنفرادي واحداً وثلاثين عاماً، فاستحق بجدارة أن يوصف بأنه نيلسون مانديلا الليبي.
البداية

في يوم خميس من شهر فبراير 1962 طلب رئيس أركان الجيش الليبي اللواء نورى الصديق بن إسماعيل من مدير مكتبه إحضار رئيس شركة أوكسيدنتال للبترول الأمريكية آرمند هامر3 (1898 - 1990) من مطار لبرق القريب من مدينة البيضاء ثم أخذه الى قصر السلام بطبرق لمقابلة الملك محمد إدريس السنوسي. تبعد مدينة طبرق حوالى 300 كيلومتر عن مطار لبرق ذو الأمكانيات المتواضعة حيث كانت الطائرات تهبط به مسترشدة بفتيلة دخان. كان رئيس الأركان يذهب إلى بيته في بنغازي يوم الخميس ويبقى هناك حتى السبت صباحاً فيرجع إلى مكتبه.

آرمند هامر

حضر هامر، والذى كان مكلفاً بمهمة خاصة وسرية من إدارة الرئيس الأمريكي جون كنيدي، بطائرة خاصة من جزيرة كريت اليونانية وبرفقته سكرتير. استقل هامر وسكرتيره والطيار سيارة مرسيدس 300 لها ساتر زجاجي بين السائق والكرسي الخلفي. عند الساعة السابعة مساءاً وصل الوفد الأمريكي إلى قصر دار السلام وكان فى استقباله عند الباب الخلفي للقصر البوصيري إبراهيم الشلحي (توفى في حادث سيارة في 23 أبريل 1964 وعمره ثلاثة وثلاثون عاماً) ناظر الخاصة الملكية والدكتور على الساحلي4 رئيس الديوان الملكي. كان هامر يعتمر قبعة كبيرة ويرتدى حذاء ذا كعب عال مثل أحذية الكاوبوي. اقتاد البوصيري ضيفه إلى الدور الثاني لمقابلة الملك محمد إدريس محمد المهدى السنوسي5 (1890-1983) ودامت المقابلة نحو ساعتين ونصف عاد بعدها هامر إلى مطار لبرق واستقل طائرته مغادراً البلاد وكانت عقارب الساعة تشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل.


البوصيري الشلحي
(1962)

وقد يستغرب البعض زيارة شخصية مثل آرمند هامر لمقابلة الملك إدريس شخصياً بهذا الشكل. ولكن الذي يفسر هذه المقابلة والإجراءات الترتيبات الأمنية غير المعتادة التي اتخذت حيالها كونها زيارة سرية ذات طبيعة خاصة. كما يفسرها الوجود المكثف للقوات العسكرية والاستخباراتية الإنجليزية في منطقة طبرق والمنطقة المحيطة بها.

الملك إدريس السنوسي رحمه الله

بعد عدة أيام التقى علي الساحلي بصديق له عند مقهى "علي الطيرة" قرب مدينة المرج وحكى له ما تم في تلك المقابلة فقال: "كان هناك جدال بين الملك والأمريكي وهو شخصية تحظي بثقة عالية عند الرئيس كنيدي وهو الذى أرسله، وهو إلى جانب عمله كخبير بترولي ورئيس شركة كبيرة هى أوكسيدنتال، يعمل في وظيفة خفية في الإستخبارات".6 بدأ (آرمند هامر) حديثه بأن سلم على الملك ثم تقدم إليه بطلبات قائلا: يامولانا، خلال الأشهر الثلاثة الماضية، أى منذ بداية تصدير البترول، صار لكم رصيد لا بأس به من العملة الصعبة، وسيزداد مع الأيام سواء بارتفاع السعر او زيادة الضخ.. ولهذا فإن حكومتنا (الأمريكية) تطلب من جلالتكم أن تخصموا من مستحقاتكم نسبة كذا (حددها) من السنتات لمساعدة الدول الفقيرة فى أفريقيا، ولن يؤثر ذلك على دخلكم".


قصر دار السلام - طبرق

كان رد الملك واضحاً وقاطعاً مذكراً إياه بعدة نقاط نقلها مستشار ومترجم الملك د. عوني الدجاني إلى هامر قائلا:
أولا: بلادنا في أول أطوار البناء والإصلاح وقد بدأنا في خطة تنمية وإسكان.
ثانياً: لقد تضررت ليبيا أكثر من أي بلد آخر بسبب الاستعمار الإيطالي بجانب ما لحق بها من تدمير للمنشآت بسبب معارك وقعت على أراضيها.
ثالثاً: إن هناك دولا عربية ساندتنا أيام محنتنا هى أولى بالمساعدة.
رابعاً: مَن أفـقر أفريقيا ونهب ثروتها وأخذ أبناءها عبيداً؟
خامساً: إننا لو فكرنا في هذا الأمر فإنه من الضروري عرضه على البرلمان مثل الكونجرس عندكم.

عند نزوله السلم كان هامر في غاية الغضب وتعثر مرتين وسمعه الساحلي يقول: "هذا البلد لا يحتاج إلى كونجرس، نحن نريد شخصاً واحداً نتفاهم معه." وكان تعليق الساحلي لصديقه في مقهى علي الطيرة: "أنا والله خفت من هذه الكلمة الأخيرة، إنهم قد يدبروا إنقلاب لنا، الأمريكان دول مجانين".


الدكتور على الساحلي (1958)

وها هى تمر السنون ويحقق النظام الحاكم في ليبيا طلبات أمريكا بالكامل وزيادة، ويضع إمكانيات الخزانة الليبية تحت تصرف السياسة الأمريكية في أفريقيا، ولعل آخرها كان في شهر أبريل 2006 عندما أمر العقيد القذافي بتخصيص خمسة مليارات دولار - زيدت إلى ثمانية مليارات دولار سنة 2007 - لصرفها على مشاريع استثمارية في أفريقيا دونما استشارة لـ"برلمان" أو "مؤتمر شعب عام" أو حتى "كونجرس" وكلف القذافي كلا من بشير صالح (سكرتير قلم القائد) والخبير المصرفي محمد حسين لياس للإشراف على توزيع هذه الأموال. والقذافي لا يفعل هذا حباً في أفريقيا أو الأفريقيين وإنما إرضاءً لأمريكا ونكاية في الشعب الليبي، وتوهماً منه أنه يبني قوة عظمي إسمها "الولايات المتحدة الأفريقية" سوف ينصب هو أول رئيس لها مدى حياته.

ولا يسعنا الا أن نذكر هنا أحد المواقف النبيلة والمشرفة للملك إدريس والحكومة الليبية وكان ذلك أثناء انعقاد مؤتمر القمة العربي الأول بالقاهرة فى يناير 1964 7 حين تبرعت ليبيا بمبلغ 55 مليون دولار لصالح المجهود الحربي العربي، بينما تبرعت السعودية بمبلغ 40 مليون والكويت بمبلغ 15 مليون. كان الرئيس جمال عبدالناصر في غاية السرور، مما جعله يقترح أن يكون الضابط الليبي وعضو الوفد الليبي في مؤتمر القمة العقيد الركن رمضان مصطفى صلاح8 أحد مساعدي الفريق علي عامر القائد العام للقيادة العربية الموحدة وزميلاً للفريق عبدالمنعم رياض رئيس أركان الجيش المصري فيما بعد. استشهد الفريق رياض يوم الأحد 9 مارس 1969 وهو يتابع بنفسه سير المعارك على جبهة قناة السويس.


النقيب رمضان صلاح الفريق عبدالمنعم رياض
(1959)

وقد حظي الملك إدريس بحفاوة واهتمام كبيرين من الرئيس جمال عبدالناصر أثناء زيارته للقاهرة لحضور مؤتمر القمة العربي الثاني الذى عقد بالإسكندرية في الفترة من 5 إلى 11 سبتمبر 1964. وكان برفقه الملك إدريس رئيس الوزارء محمود المنتصر الذى عين خلفاً لمحي الدين فكيني الذى أقيل عقب أحداث يناير 1964 الطلابية.

عقد مؤتمر القمة العربي الأول في القاهرة ما بين 13 و17 يناير 1964 بناء على طلب من الرئيس جمال عبدالناصر الذى كان قد ألقى خطاباً في بورسعيد يوم 23 ديسمبر 1963 ـ كعادته كل سنة بمناسبة عيد النصر ـ طالب فيه بضرورة عقد اجتماع للرؤساء والملوك العرب لبحث التهديدات الإسرائيلية بتحويل مجرى مياه نهر الأردن. وقبل اجتماع القمة العربية اجتمع رؤساء أركان حرب الجيوش العربية في القاهرة، باستثناء ليبيا،9 يوم الخميس 26 ديسمبر 1963.


الرئيس عبدالناصر في استقبال الملك إدريس الملك إدريس في منزل الرئيس عبدالناصر
بمطار القاهرة - 2 سبتمبر 1964 بمنشية البكري محاطاً بخالد وعبدالحميد وعبد الحكيم أبناء عبدالناصر - 11 سبتمبر 1964
التجنـيد

بعد مقابلة آرمند هامر للملك إدريس، وبعد أن فشلت أمريكا في استمالة ولي العهد السيد الحسن الرضا السنوسي10 (1928- 1992) أثناء زيارته لأمريكا في الفترة من 15 إلي 24 أكتوبر 1962، بدأت المخابرات الأمريكية تبحث عن عملاء لها في الوسط المدني والعسكري. لقد كان لأمريكا ثلاثة أهداف رئيسة في منطقة الشرق الأوسط:

السيد الحسن الرضا
أولها: محاصرة المد الشيوعي والقضاء عليه بعد أن قلصت بريطانيا قواتها ونفوذها في المنطقة خصوصاً بعد حرب السويس سنة 1956.
والثاني: ضمان تدفق النفط.
والثالث: ضمان بقاء وتفوق الكيان الصهيوني في فلسطين.

ومن أجل تحقيق هذه الأهداف كرست أمريكا جهدها لإقامة حكومات تدين لها بالتبعية في المنطقة. وبعد اكتشاف النفط في أبريل 1959 أصبحت ليبيا هدفاً للهيمنة والأطماع الأمريكية. في بداية الأمر اهتمت المخابرات والسفارة الأمريكية بقيادة السفير ديفيد نيوسم (الذى شغل منصب سفير من 16 أكتوبر 1965 إلى 21 يونيو 1969) بالضباط خريجي مدرسة الزاوية العسكرية11 وبعض ضباط كتائب طرابلس وأغلبهم برتبة نقيب أو رائد، وفتحت لهم بوابة قاعدة الملاحة (ويلس ـ wheelus) بطرابلس بأن أنشأت عدة بارات ومراقص كان أشهرها بار كريزي هورس (Crazy Horse) حيث يذهب الضباط من جيش وشرطة لاحتساء الخمور ومجالسة الفتيات، وكانت أكثر المشروبات تقدم للحاضرين مجاناً أو بأسعار رمزية زهيدة، وزرعوا بين الضباط رواد تلك الأماكن عملاء عرباً أغلبهم فلسطينيون، كل هذا لأجل مراقبتهم واختيار من يصلح منهم للتعاون والدعم، ولكن السلطات الأمريكية نفضت أيديها عن أولئك الضباط بعد ما أدركت أن أغلبهم لا يصلح للمهمة.


ديفيد نيوسم

سببت مسألة تردد ضباط ليبيين على قاعدة الملاحة ازعاجاًً وقلقاً شديدين للواء نوري الصديق بن اسماعيل12 رئيس أركان الجيش الليبي، فأصدر قراراً في بداية 1962 وزع على المعسكرات يمنع الضباط من ارتياد الحانات. كما كلف الإستخبارات العسكرية والشرطة العسكرية بمراقبة مداخل القاعدة وحصر المترددين على القاعدة من العسكريين الليبيين خصوصاً الذين يترددون على حفلات الشواذ. بعد فترة وجيزة اكتشف ضباط المراقبة بقيادة المقدم نصرالدين هامان نائب رئيس الإستخبارات العسكرية ومسؤول إستخبارات طرابلس أموراً كثيرة أثارت الريبة والشكوك، وكان ثلاثة من الضباط الليبيين قد استقالوا من الجيش وتسلموا وظائف في القاعدة.


اللواء نورى الصديق (1966)

نجح الأمريكان في تجنيد أربعة ضباط من الرتب الصغيرة أثناء وجودهم في أمريكا لحضور دورات تدريبية، ورسب أغلبهم في الإختبار العملي مثل نوري شعلان (وهذا هو اسمه الحركي لدى المخابرات الأمريكية) والمعروف بتهوره وحبه للظهور، والذى كشفته المخابرات المصرية بكل سهولة في يوليو 1966 أثناء وجوده في القاهرة في مهمة ساذجة لجمع معلومات عن الجيش المصرى للمخابرات الأمريكية. عند وصوله إلى مطار بنغازي قادماً من القاهرة هرع شعلان إلى اللواء نوري الصديق رئيس الأركان ـ الذى كان في المطار آنذاك لاستقبال رئيس الأركان التركي ـ وسرد له تفاصيل ما كان يفعل في القاهرة ظاناً أن الضباط المتجمعين في المطار كانوا في انتظاره للقبض عليه. أدلى شعلان باعتراف كامل حول مهمته وحكم عليه بالحبس سنة وإخراج من الجيش وذلك بحسب مادة في القانون المدني رأفة بحاله.

واصل الأمريكان محاولاتهم لإيجاد من يحقق رغباتهم في ليبيا. فقد شعروا أنهم إذا لم يتحركوا بسرعة فسيؤول الحكم لا محالة للعقيد الركن عبدالعزير إبراهيم الشلحي. فقد تأكدوا أن العقيد الشلحي الذى يتمتع بكفاءة عسكرية وحائز على ثقة الملك إدريس ـ الذى كان يكلفه بالمهام الخاصة13 ـ كان يعد العدة لتولي الحكم عبر إنقلاب سلمي. كما أن له ميولا قومية ولربما فطنوا لاتصالاته بالقيادة المصرية. والجدير بالذكر أن اتصالات وزيارات الإخوة الثلاثة: البوصيري وعبدالعزيز وعمر الشلحي لم تنقطع بمصر وبالرئيس جمال عبدالناصر.


عبدالناصر في استقبال البوصيري الشلحي والعقيد عبدالعزيز الشلحي (1 يونيو 1967) وعمر الشلحي (7 مايو 1969)
(25 أبريل 1963)

الإخـتراق
قامت أمريكا منذ نهاية الخمسينيات بإنشاء شبكة من العملاء و"الأصدقاء الموالين" في ليبيا. والصنف الأخير كان يضم عسكريين من جيش وشرطة ورجال أعمال وموظفين ومحامين. وسنتكلم هنا عن أخطر وأهم عميل لأمريكا في ليبيا ولربما في الشرق الأوسط، ألا وهو مصطفى كمال أحمد المهدوي المحامي.14


مصطفى المهدوي
مصطفى المهدوي من مواليد مصر سنة 1932. تخرج من كلية الحقوق بالإسكندرية سنة 1959، ومن زملاء دفعته بالكلية إبراهيم الفقيه حسن وشمس الدين أبوشويرب. عقب رجوعه إلى ليبيا عمل المهدوي بالقسم الفني بالمحكمة العليا بطرابلس، وهو مقيم حالياً بمنطقة الفويهات الغربية ببنغازي. كان ذا ثقافة واسعة، لبق الحديث. جندته المخابرات الأمريكية بسبب صلته العائلية والحميمة بمصطفى بن حليم رئيس الوزراء السابق.

كون المهدوي خلال فترة وجيزة صداقات كثيرة بين العسكريين والمدنيين. فمثلاً كانت تعقد في بيته بطرابلس بمنطقة كازابورايو اجتماعات لمثقفين وشباب من طليعة النخب الفكرية والثقافية والعلمية في البلاد، ضمت من الليبيين على وريث رئيس تحرير جريدة البلاغ (توفى فى حادث سيارة في طريق عودته من مصراته إلى طرابلس في 17 أغسطس 1970 وكان معه في نفس السيارة أخواه عبدالحميد وخالد وابن عمه عبدالهادى أحمد وريث وقد نجوا من الحادث مع إصابتهم بكسور مختلفه) والمحامي إبراهيم بشير الغويل (كان في نفس السيارة التى قتل فيها المرحوم على وريث ونجا من الحادث). ومن الفلسطينيين د. أحمد صدقي الدجاني ود. أنيس القاسم، وعيسى القاسم، وفريد أبووائل ومن الأردن نواف جرادات، وغيرهم.. بالإضافه إلى أصدقاء المهدوي من الضباط الأمريكان الذين كانوا يحضرون في بعض الأحيان حفلات أعياد ابنته الصغيرة.


د. أنيس القاسم (1999) د. أحمد الدجاني إبراهيم الغويل

كان المهدوى أثناء سكنه في طرابلس يقضى أيام الجمع مستجماً في مزرعة عائلة توفيق غرغور وكان صديقاً لإبنهم حبيب. في سنة 1970 استولت السلطات الليبية على المزرعة وعلى الفلل التى حولها ووزعتها بعد تقسيمها على عدد من المقربين واحتفظ العقيد القذافي لنفسه بأحسن تلك الفلل. وغرغور مواطن فلسطيني قدم للعيش في ليبيا بلد العدل والآمان بعد أن أمم الرئيس جمال عبدالناصر أمواله وممتلكاته في مصر ظلماً وعدواناً أوائل الستينيات، وهو ليس "واحد أجنبي أفاّق" كما نعته العقيد القذافي في خطابه يوم 1 مايو 2006. والقذافي حشر اسم غرغور في خطابه بعد أن بلغه خبر تقديم عائلة غرغور دعوى قضائية خارج ليبيا من أجل استرداد أموالهم وممتلكاتهم التى نهبت في ليبيا.


على وريث

بالنسبه لنشاطاته داخل المؤسسة العسكرية الليبية فقد تعرف المهدوي "الإنسان البسيط والقاضي العادي" كما وصف نفسه على مجموعة من الضباط من بينهم النقيب عبدالحميد الجدايمي (خريج الكلية العسكرية بنغازي) والنقيب مصطفى نوري (خرّيج الكلية العسكرية بالعراق 1959) وضباط آخرون من ذوي الرتب الصغيرة، واتفقوا فيما بينهم على وضع مخطط تنفذه وحدات من كتيبة الدروع الأولى، ومقرها مدينة الخمس، بالتنسيق مع ضباط أمريكان موجودين بمطار مصراته لاعتقال الملك إدريس أثناء سفره براً إلى طرابلس وذلك في شهر فبراير 1966 وإجباره على التنازل عن العرش لنخبة من الضباط ثم تعلن الثورة. إلا أن هذا المشروع مات فى مهده بسبب سذاجته وأيضاً لرفض بعض الضباط الكبار التعاون معهم.

وكما كان معلوماً مسبقاً للأمريكان وللمهدوي حضر الملك إدريس إلى طرابلس براً في فبراير 1966، وكان غالباً ما يسافر بلا حراسة، وكان رفيقه الوحيد دائماً هو سائقه الضابط عبدالمولي. إلا أنه في هذه المرة كان يرافقه في سيارة أخرى اللواء مفتاح بوشاح (توفي في يوليو 1971) قائد عام قوات الأمن، وفي هذه الرحلة عالج الملك أسنانه في مستشفى قاعدة الملاحة الأمريكي.


اللواء مفتاح بوشاح (1966)

كان المهدوي كثير التردد على قاعدة الملاحة (امعيتيقة) الأمريكية وكان يدخلها بكارنيه (بطاقة) خاص يحمل رقم 157 صدر له من قيادة القاعدة. كان يشترى بعض حاجياته من متجر BX الموجود داخل القاعدة دون أن يدفع ثمنها، فقد كان لديه حساب مفتوح بصفته ضابط التجنيد الرئيسي. كانت مهمته الأساسية هى استقطاب الضباط الليبيين ثم دعوتهم للذهاب إلى القاعدة حتى يتمكن ضباط الإستخبارات الأمريكان من التعرف عليهم عن قرب، وكانت تقدم لهم المشروبات والمرطبات بالإضافه لبعض الهدايا من متجر BX.

في أغسطس من عام 1966 توجه المهدوي إلى كل من الأردن والكويت والبحرين ـ وربما الإمارات العربية التي كانت آنذاك تحت الوصاية البريطانية ـ برفقة وفد رفيع المستوى من المخابرات الأمريكية. واستغرقت الرحلة نحو عشرين يوماً، وفي نفس الرحلة زار إسرائيل. أخبرنا المهدوي عن زيارته للكويت والقدس (أخبار ليبيا 11 فبراير 2006) ـ هو طبعاً لم يحدد أي قدس ـ والمؤكد أنه زار القدس الغربية حيث تلقى علاجاً للأسنان في مستشفى هاداسا الاسرائيلي الكائن بمنطقة عين كريم. ونسي المهدوي أن يخبرنا عن زيارته للبحرين حيث قابل أميرها الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة (1933-1999) الذى أهداه هدايا قيمة، منها عباية مذهبة وساعة ثمينة عليها صورة الأمير. وندعو الله أن يطيل في عمر المهدوي ليحكي لنا الأسباب الحقيقية لزيارته لهذه الدول.

الشيخ عيسى

قبل حرب يونيو 1967 اتخذ جهاز أمن الدولة الذى كان يرأسه في ذلك الوقت العقيد إسماعيل التويجيري قراراً لكشف نشاط عملاء أمريكا في ليبيا والحد منه، وكان على رأسهم مصطفى المهدوي، وذلك بالتنسيق مع الإستخبارات العسكرية والمخابرات الإنجليزية. وبسبب نشاطاته الواسعة وشبه العلنية، مستخدماً سيارته الفوكسل الخضراء في تنقلاته (كان قد اشتراها من شركة "جنرال موتورز" التى كان قريبه مصطفى بن حليم وكيلها في ليبيا) قررت أجهزة الأمن الليبية تضييق الخناق عليه.

كما قام كل من اللواء نورى الصديق رئيس الأركان وعبدالحميد البكوش الذى كان وزيراً للعدل ثم رئيساً للوزراء (من 26 أكتوبر 1967 إلى 7 سبتمبر 1968)، وبدافع الحس الوطني، بتنبيه بعض من مرؤسيهم بعدم الإتصال وبضرورة قطع علاقتهم بالعميل الخطير ـ حسب تعبيرهم ـ والمعروف لديهم بمصطفى المهدوي. وقد وصف أحد كبار المسؤولين السابقين بالدولة الليبية المهدوي بالعميل والإنتهازي.


عبدالحميد البكوش (1968)

فى ربيع 1967 انتقل المهدوي للعمل في محكمة الإستئناف ببنغازي ليكون قريباً من معسكر قاريونس الذى كان يسمى "معسكر أمريكا" أو "معسكر المؤامرة" حيث كان يوجد العديد من مجموعة الضباط الوحدويون الأحرار وعلى رأسهم الملازم أول معمر بومنيار القذافي. فقد كلف المهدوي بمتابعة ملف الملازم معمر القذافي ـ بالإضافه لعمله الأساسي كضابط تجنيد ـ وكان يزوره بمعسكر قاريونس ببنغازي باستمرار لحين قيام إنقلاب سبتمبر. وكان القذافي، الضابط بسلاح الإشارة (المخابرة)، يسمح للمهدوي بإجراء مكالمات دولية من حجرة الإتصالات بالمعسكر.

في ربيع 1970 عرض القذافي على المهدوي تولى رئاسة محكمة الشعب فرفض (حسب ادعائه) لوجود علاقات عائلية بينه وبين بعض رجال العهد الملكي الذين مثلوا أمام تلك المحكمة، عندها طلب منه القذافي البقاء في عمله بمحكمة الإستئناف. وقام المهدوي بترشيح كل من القاضي عبدالعزيز النجار والشيخ محمود صبحى ليكونا أعضاء في المحكمة. إلا أن السبب الحقيقي لرفض المهدوي منصب رئاسة المحكمة هو لعلمه أنه كان عميلاً معروفاً ولو قبل لانكشفت الشبكة التي نظمها للقيام بالإنقلاب.. ولانتهت المسألة، لذا آثر البقاء بعيداً عن الأضواء.


الشيخ محمود صبحى

ربما يعرف الكثير من الليبيين المواقف الوطنية للشيخ الفاضل محمود صبحى أثناء العهد الملكي ولكن القليل من يعرف مواقفه المبدأية والشجاعة أثناء عهد الإنقلاب. ولعل أقل موقف يحسب للشيخ الجليل ويكفيه فخراً هو قيامه بإرجاع مبلغ من المال أرسله له القذافي بعد أن زاره في بيته وشاهد أثاثه المتواضع.

كلف المهدوي بعدة مهام رسمية وسرية من بينها ما كان في سنة 1987 حيث كان عضواً بارزاً في لجنة المباحثات الليبية الفرنسية ثم الليبية التشادية والتى امتدت فى الفترة من يونيو 1987 إلى أكتوبر 1988.

فى معرض الحديث عن الوثائق السرية المفرج عنها من قبل الحكومة الأمريكية وردت الفقرة التالية بمجلة الإنقاذ التي كانت تصدرها الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا (العدد 47، سبتمبر 1998، ص20): "ويلاحظ أنه في إطار الإستكمال الدوري لهذه التقارير فقد وردت رسالة من وزير الخارجية الأمريكية المستر دين راسك مؤرخة في 18 أبريل 1968 إلى السفارة الأمريكية في طرابلس تحثها على استكمال المعلومات الواردة في بعض التقارير التى سبق إرسالها. ومن الملفت للنظر أن رسالة الوزير، التى تضمنت ملاحظات حول أكثر من مائة إسم، قد طلبت إزاء عدد محدود من هذه الأسماء تزويد الوزارة بكل شئ عنها (need everything) وهذه الأسماء هي:


دين راسك

العقيد يونس العمراني، العقيد مختار إبراهيم البنغازي، الزعيم سالم بن طالب (مدير عام أمن طرابلس)، دكتور محمد البشتي، دكتور شكرى غانم (خبير نفط)، محمد أبو عياد اللافي الحاسي (رجل أعمال)، كامل حسن المقهور (محام)، مصطفى المهدوي (قاضي)، المقدم محمود بن ناجي، محمد انقا (رجل أعمال)، الحاج محمد مصطفى الشيباني (رجل أعمال)، مقدم شرطة محمد السوداني، بشير الويفاتي (خبير زراعي)، عقيد شرطة يونس بالقاسم على (مسؤول الأمن الداخلي لعدة سنوات بعد الإنقلاب ثم سجنه القذافي) ."
ويمكننا طرح التساؤلات التالية:

ما هى التوجهات السياسية للأشخاص المذكورين بالقائمة؟

ما هو موقع ودور د. شكرى غانم في هذه المجموعة؟

ما سبب وجود هوائي ضخم بمزرعة محمد إبراهيم انقا منذ أواسط الستينيات؟ (كان الرائد عبدالسلام إجلود قبل وبعد الإنقلاب يتردد بشكل شبه يومي على مزرعة انقا والذى صار في ما بعد مديراً لأموال إجلود المهربة في الخارج.)

هل هى الكفاءة وحدها التى جعلت من العقيد يونس بلقاسم مسئولاً عن الأمن في ليبيا في عهد الإنقلاب؟

تولى كامل المقهور إدارة أموال عائلة القذافي المهربة إلى أوربا بعد وفاة مديرها السابق فوزي الغرياني الذى كان يقيم في أسبانيا. وهناك معلومات تشير إلى أنه يتولى إدارتها الآن محمد على الحويج.


اللواء بن طالب (1968) شكرى غانم يونس بلقاسم كامل المقهور

وفي رسالة مصطفى المهدوي إلى الكاتب (المرفقة أدناه)15 ورد قوله أن الحكومة الأمريكية لم تكن في حاجة لجمع معلومات عنه لو كان فعلاً عميلاً لها بل لكانت كلفته بجمع معلومات عن الآخرين المذكورين في القائمة. وهذه حجة واهية وغير مقنعة ولا تنطلى إلا على السذج. فأجهزة الاستخبارات الأمريكية متعددة ومنفصل بعضها عن بعض بحيث توجد لدى بعض الوزارات ـ كالصناعة والزراعة والخارجية مثلا ـ والهيئات أجهزة جمع معلومات أو استخبارات خاصة بها. كما أن لا يفوتنا الاشارة إلى أن إدراج اسم المهدوي قد يكون للتمويه ولحمايته وإبعاد الشبهة عنه، وهو أسلوب متبع ومعروف لدى هذه الأجهزة المتخصصة. وأخيراً فإن تجنيد العملاء والتعامل معهم لا يتم من خلال المراسلات المفتوحة والتي يمكن أن تتسرب أو تقع في أيدي جهات لا يراد لها أن تطلع عليها.

المؤامـرة
كان عام 1966 بداية العد التنازلي للاستقرار في ليبيا. ففي خريف ذلك العام وبعد رجوعه من دورة تدريبية ببريطانيا (التي لم يوفق في إكمالها لعدم اجتيازه الإمتحانات كما يقول أحد رفاقه المقربين) وقع الإختيار على الملازم معمر القذافي ليكون المنفذ لمآرب أمريكا في ليبيا. وكان قد تعرض للمراقبة والإختبار لمدة سنة أي منذ تخرجه من الكلية العسكرية الملكية ببنغازي.16 وعلى الفور بدأ الأمريكان في تدريبه وتوجيهه، وحمايته بطبيعة الحال، من أعين المخابرات الليبية والإنجليزية والمصرية، ولم يكن مدرسه وموجهه السياسي سوى العميل وخبير الإنقلابات الزنديق مصطفى كمال المهدوي.

لقد درس الأمريكان تاريخ القذافي ونفسيته بدقة، فعرفوا عن وجود شائعات حول نسبه، وأنه طرد من مدارس سبها آواخر 1961 لسوء أخلاقه وشذوده وليس ـ كما يدعي ـ بسبب أعماله الوطنية، وهذا بشهادة مدرسيه.

لقد أتت أمريكا بشخص مجهول وغير معروف بولائه لها حتى لا يجلب عليه المشاكل وينكشف أمره. ومما يؤكد ما كان معلوماً لدينا ما جاء في مقالة للسيد عبدالحميد البكوش نشرتها مجلة الوسط في 16 أكتوبر 1995: "... كان ضباط الإنقلاب صغاراً غير معروفين للناس. وذكرني ذلك بما قاله لي سفير أمريكي وأنا رئيس وزراء (كان ديفيد نيوسم سفير أمريكا لدى ليبيا فى ذلك الحين)، إذ كان يشك في رغبتي في الإستيلاء على الحكم فجاءني زائراُ يستطلع تلك الرغبة، ونصحني بأني إذا فكرت في ذلك فإن علي أن أتجنب إشراك أسماء معروفة، لأن الناس تحكم عليهم من أول يوم، وأن من الذكاء مشاركة أسماء مجهولة تستطيع السيطرة على الأمور والجميع يتوقعون منها ما لا يعرفون..". لقد صدق السفير، فبناءاً على هذه الإستراتيجية تم تجنيد القذافي ومجموعته من الضباط الأحداث سنة 1966.

وما خفي عن البكوش في ذلك الوقت أن المخابرات الأمريكية والسفير نيوسم قد استقرا على استغلال مجموعة الضباط الوحدويون الأحرار لتنفيذ مآربهم ولم تكن نصيحة (السفير) له سوى حيلة بارعة ليطمئنه أن الأمريكان لم يكن لديهم أي مخطط إنقلابي، وليصرفوا الأنظار عن عملائهم الكثر.


لقد كانت مواجهة غير متكافئة بين سفير تسنده آلة إستخباراتية ضخمة (بلغت ميزانية وكالة الإستخبارات المركزية ـ السي آي إيه CIA ـ وحدها سنة 1966 (505) مليون دولار وفي سنة 1998 وحسب المصادر الرسمية بلغت ميزانية كافة الأجهزة الإستخباراتية الأمريكية 26 مليار دولار) وبين رئيس وزراء شاب لا يتجاوز عمره خمسة وثلاثين عاماً يتبعه جهاز إستخبارات صغير، حديث النشأة، قليل الإمكانيات، ومخترق.

ويبدو أن البكوش لم يعد في ذلك الوقت كسابق عهده متابعاًً لتحركات المهدوي، ونحن لا نلومه على هذه الغفلة فقد توارى المهدوي عن الأنظار بعض الشئ بعد إنتقاله إلى بنغازي في ربيع 1967 بناء على أوامر المخابرات الأمريكية. لقد كانت ليبيا فريسة وغنيمة سهلة للمخابرات الأمريكية.

وقد نصح الأمريكان مجموعة الضباط الوحدويون الأحرار بالإبتعاد عن الأحزاب السياسية المدنية ( بعث، إخوان وقوميين) والتيارات والتنظيمات المتنافسة داخل الجيش وكانت في ذلك الوقت ثلاث مجموعات رئيسة:

مجموعة الشلحي التى تضم خريجي مصر وبعض من خريجي بنغازي.

مجموعة العراق: سمي بتنظيم العراق لأن معظم أعضائه كانوا ضباطاً من خريجي كلية العراق العسكرية. كانت توجهات أعضائه قومية ولم يكن تنظيماً بعثياً.

ومجموعة خريجي مدرسة الزاوية العسكرية.

وقد تمكنت أمريكا من خلال وجود هذا الخلاف والتنافر بين ضباط الجيش إلى إيجاد ثغرة دخلت من خلالها وأمسكت بزمام الأمور مستغلة في نفس الوقت إمكانيات كل مجموعة لمصلحة تنظيم الضباط الصغار الذى كان يرأسه الملازم معمر القذافي.

كان اختيار مجموعة الملازمين دون غيرهم من الرتب لأسباب وجيهة من وجهة نظر الأمريكان أهمها أن الضباط الصغار عادة ما يكونون قريبين من الجنود حيث هم آمروهم المباشرون، وأغلبهم يباتون في الثكنات ولا تشغلهم مسئوليات عائلية. كما أن لديهم طموحاً واستعداداً للمغامرة، وأن تحركاتهم ليلاً او نهاراً لا تثير شبهات الأجهزة الأمنية مثل ما تثيره تحركات الضباط الكبار.

وقد أطلق المهدوي والأمريكان على المجموعة الإنقلابية الأسم الحركي" Black Boots بلاك بوتس" (وهذا يعزز الإعتقاد السائد بين كثير من المراقبين والمهتمين بعدم وجود تنظيم في صفوف الجيش الليبي تحت مسمى "الضباط الوحدويون الأحرار"، ويؤكد ذلك أن هذا الاسم المزعوم لتنظيم داخل القوات المسلحة اليبية لم يظهر إلا بعد إنقلاب سبتمبر 1969) حيث كان صغار الضباط في الجيش الليبي آنذاك يرتدون الأحذية السوداء. ويذكر الليبيون أن أول صورة نشرت لمعمر القذافي على صفحات الجرائد الليبية أياماً بعد نجاح الإنقلاب ظهر فيها جالساً على مكتب مرتدياً حذاءه (بوته) الأسود، وكأن الغرض منها توصيل رسالة مشفرة للمعنيين أن تنظيم "البلاك بوتس" قد انتصر. المهدوي




قائد تنظيم البلاك بوتس مرتديًا بوته الأسود (1969)

وقد نقل المهدوي تصورا آخر للمخططين الأمريكان في مسألة اختيار الملازمين (القذافي وجماعته) دون غيرهم من الرتب:

"إن الضابط الكبير الذى يبرر اختيار ملازم عديم الخبرة لهذا العمل الضخم وهو إسقاط دولة أهم شئ عنده هو أن الصغير يمكن تدريبه وإعادة تشكيله كعجينة كما نريد، بل ننسخه من جديد ونحوله إلى شئ جديد وكيان يعمل بسهوله لنا، فتفريغ مخه سهل فلم تثبت بعد في عقله كل ما يعتقد حتى أننا ممكن أن نحوله عن دينه إن شئنا، وهذه تجارب نحن نعمل ونقوم بها ويعرفها عملاؤنا الراسخون في عملهم وعلمهم وتجاربهم، لهذا كان الاختيار للأحدث دون الأقدم".

كلام المهدوي هذا لم يأت من فراغ فهو بالتأكيد كان على علم بالتجارب التى كان يقوم بها العلماء الأمريكان في مجال السيطرة على العقل أو غسل الأدمغة (mind control / brainwashing)، وربما كان على علم أيضاً بالتجارب السرية التى كانت وكالة الإستخبارات الأمريكية تجريها منذ عام 1953 في مجال التأثير والسيطرة على سلوك الإنسان، وقد أعطت الوكالة لهذا المشروع الأسم الكودي MK-ULTRA.

وكانت جريدة (النيويورك تايمز) أول من نبه الرأي العام الأمريكي في ديسمبر 1974 عن وجود هذه التجارب غير القانونية حيث كانت تجرى على آلاف الأفراد من عسكريين ومدنيين دون علمهم بماهية التجارب ولا عن نوع العقاقير التى كانت تعطى لهم.

بعد إنكشاف أمر التجارب شكل الكونجرس الأمريكي سنة 1975 لجنة تحقيق برئاسة السيناتور فرانك تشرش التى أمرت بإيقاف التجارب وتعويض المتضررين. كما شكلت لجنة تحقيق رئاسية ولجنة بوزارة الجيش لنفس الغرض. وكان ريتشارد هيلمز (مدير السي آي إيه CIA من 1966 إلى 1973 وأحد مهندسي المشروع) وقبل تركه رئاسة الوكالة عام 1973 قد أمر بإتلاف الوثائق والملفات الخاصة بمشروع MK-ULTRA، إلا أن القليل من هذه الوثائق نجا من الإتلاف ووجد طريقة إلى الصحافة سنة 1974. في سنة 1977 صرحا ضابطان سابقان في ال ـ (سي آي إيه) هما فكتور ماندريتي ومايلز كوبلاند أن التجارب ما زالت مستمرة، وذكر كوبلاند أن أغلب المعلومات عن مشروع MK-ULTRA قد أخفيت عن لجان التحقيق.

كان الهدف الأساسي من التجارب هو اكتشاف عقاقير لغسل أدمغة الأفراد ليكونوا عملاء وجواسيس دون علمهم، وكانت تستعمل في التجارب مواد مخدرة أهمها مخدر إل إس دى (LSD) بالإضافة للتنويم المغناطيسي. تصريحات المهدوي تؤكد أن الأمريكان استعملوا أحدث الأساليب العلمية للتجنيد والسيطرة في تعاملهم مع مجموعة الضباط الوحدويون الأحرار.

ولا يخفى على المعنيين أن وكالة الإستخبارات الأمريكية تحتفظ بملفات كاملة بالصوت والصورة عن اجتماعات ممثليها (controllers) بالمهدوي قبل وبعد الأول من سبتمبر 1969، وهذا الأسلوب متبع مع كل الجماعات والتنظيمات المتعاونة مع الإستخبارات الأمريكية والغربية عموماً كما ذكر كثير من عملاء الإستخبارات الأمريكية الأمريكان في مذكراتهم المنشورة وفي ما كتبوه بعد استقالتهم من الوكالة. وقد تعلمت الأنظمة الإستبدادية من ذلك فعمدت إلى استعمال نفس الأسلوب ضد معارضيها وشعوبها معتقدين أن هذه الأساليب الخسيسة والمحرمة شرعاً وقانوناً قد تطيل من أمد حكمها.

وقبل نهاية 1966 تم الاتفاق ما بين القذافي والأمريكان على ما يلي:

1- جلاء القواعد الأمريكية مع تحييد بريطانيا وإقناع حكومتها بإخلاء قواعدها في ليبيا على أن يتم فيما بعد الاتفاق على دفع تعويضات مناسبة للدولتين. كان اتجاه الأمريكان هو إخلاء القواعد ـ خاصة داخل البلاد التى قد تحدث بها اضطرابات بسبب رفض شعوبها وجود تلك القواعد على أراضيها ـ والإستعاضة عنها بحاملات الطائرات والطائرات ذات الإرتفاعات الشاهقة والطويلة المدى مثل طائرات ب52. وعندما قام المتظاهرون بالهجوم على بعض المنشآت الأمريكية وحاول البعض الهجوم على قاعدة الملاحة أثناء وبعد حرب يونيو 1967 شعر الأمريكيون بخطورة وجود قواعدهم على الأراضى الليبية. وكبادرة لإظهار حسن النية قامت السلطات الأمريكية بإخلاء وتسليم مخازنها بميناء طرابلس البحري إلى السلطات الليبية.
2- أن يخرج من ليبيا عند حدوث الإنقلاب كلا من مصطفى بن حليم17 رئيس الوزراء السابق ويحي عمر سعيد،18 وأن يقوم الإنقلابيون بنقلهما إلى قاعدة الملاحة الأمريكي بطرابلس ليسافرا من هناك حيث ستكون كل منافذ ليبيا براً وبحراً وجواً مغلقة، وحذروا من تعرضهما لأي أذى.


مصطفى بن حليم

3- البحث عن ضابطين برتبة مقدم أو رائد لينضما للمجموعة المختارة، أحدهما يقوم بالسيطرة على الأمن، أي وزير داخلية، والآخر يتولي شئون الجيش، أي وزير دفاع، بحجة أن معظم أعضاء تنظيم القذافي من الضباط الصغار ولن يتمكنوا في المرحلة الأولى من التفاهم مع ضباط أقدم وأعلى رتبة منهم في هاتين المؤسستين. وهكذا تم استقدام فيما بعد كلا من المقدم آدم الحواز (الذي كان على أول دفعته ومحبوباً في صفوف الجيش) والمقدم موسى أحمد19 ـ اللذين كانا زميلين في الدفعة الأولي بالكلية العسكرية الملكية (1957-1959) ـ ليكونا أعضاء في تنظيم القذافي.


المقدم موسى أحمد (1969) المقدم آدم الحواز (1969)

بعد الإنقلاب عين المقدم آدم الحواز وزيراً للدفاع وعين المقدم موسى أحمد وزيراً للداخلية، ثم غدر بهما القذافي بعد أن تحقق له ما أراد20 حيث تم القبض عليهما يوم 7 ديسمبر 1969 بتهمه التآمر لقلب نظام الحكم وحكم عليهما بالسجن ثم بالإعدام ثم خفض إلى السجن المؤبد. أطلق سراح المقدم موسى أحمد في مارس 1988 وتوفي في 24 أبريل 2005 إثر تعرضه ـ حسب الرواية الرسمية ـ لهجوم بالسكين من قبل مجموعة من اللصوص الأفارقة، ولا يعرف مصير زميله المقدم آدم الحواز.

عند القبض على المقدم آدم الحواز نهض العقيد أحمد المدفعي (آمر صنف المخابرة بمعسكر قاريونس) وكان جالساً في زنزانته بالسجن المركزي بطرابلس وصاح بصوت عال: "لقد تم القبض على من اختارته أمريكا ومن كان يساير فيهم.. إن أمريكا يا عالم لها يد في هذا الموضوع!" ونظراً لقربه من الحواز فهو آمره المباشر، فلا بد أن بعض الأمور اتضحت له بعد القبض على الحواز. كان العقيد أحمد المدفعي والمقدم آدم الحواز عضوين في لجنة الإتصالات الأمريكية الليبية لتوحيد واستكمال خطوط الاتصالات المدنية والعسكرية، وقبل الإنقلاب تم تنحية العقيد المدفعي من اللجنة.


المقدم آدم الحواز

4- عند ساعة الصفر يقوم الأمريكان بضمان تزويد الإنقلابيين بالسلاح والذخيرة.

5- تعهد الأمريكان بتسهيل مهام الإستطلاع والتدريب للطيران الحربي الليبي المتمركز بقاعدة الملاحة.

6- إعطاء الإنقلابيين مطلق الحرية في تحديد سياستهم الداخلية والخارجية.

7- التعهد بتشكيل حكومة مدنية في مدة أقصاها سنة ليتفرغ بعدها الإنقلابيون للجيش، كما تعهدوا بحماية المصالح الغربية، ووعدوا باستمرار ضخ البترول الليبي.
المقدم الحواز وصالح بويصير مع الرئيس


عبدالناصر القاهرة 16 نوفمبر 1969

باختصار، لقد تم الاتفاق على تبادل المصالح، الضباط الوحدويون الأحرار لهم السلطة وللأمريكان المصالح الكاملة في ليبيا.

ولضمان تنفيذ هذه الاتفاقات قامت المخابرات الأمريكية من ناحيتها بزرع عملاء وعيون لها في كل مكان مستخدمة كافة الوسائل والإمكانيات، وكان من بينها الإستعانه بعشرات المتطوعين الأمريكان بفرق السلام (Peace Corps) المتواجدون على الأراضي الليبية وبالعديد من الموظفين الأمريكان والعرب بشركات النفط وفي المراكز الثقافية الأمريكية. فمثلاً في سنة 1963 قامت شركة بكتل لخدمات البترول Bechtel بتعيين عميليين للسي آي إيه بإدارة شئون العاملين. والأهم من هذا كله فقد تم ومنذ سنة 1966 اختراق تنظيم العقيد عبدالعزيز الشلحي وتم زرع ضباطاً عملاء في مكتبه، والمهدوي كان على علم تام بهذا الأمر الخطير. كما قامت أمريكا سنة 1966 بتعيين ضابط بسلاح الجو الأمريكي في طبرق ليتجسس على الملك وعلى تحركات عمر الشلحي ـ ناظر الخاصة الملكية ومستشار الملك وشقيق العقيد عبدالعزيز ـ وعلى تحركات الإنجليز حيث توجد قاعدتهم الجوية في "مطار العدم".

عمر الشلحي
(1966)

العوامل الأساسية التى ساعدت على الإنهيار الكامل للنظام الملكي:

1- وجود الملك إدريس خارج ليبيا، حيث كان قد غادرها إلى اليونان ثم إلى مدينة بورصة التركية في يونيو 1969.

2- إقالة اللواء نورى الصديق من رئاسة أركان الجيش في أكتوبر 1968 وتعيينه عضواً بمجلس الشيوخ مع منحه رتبة فريق. لقد كادت أن تتجمع لدى اللواء نورى ـ الذى أحاط نفسه بضباط ذو كفاءة وإخلاص ووطنية ـ كل خيوط المؤامرة الأمريكية ولكن كما سنرى كان للعقيد عبدالعزيز الشلحي رأي آخر.

3- إختراق المخابرات الأمريكية لأجهزة الأمن الليبية. ففي أوائل مارس 1969 كلف المقدم نصر الدين هامان الرائد أحمد بوغولة بالذهاب إلى منطقة سرت لمراقبة تحركات واجتماعات أعضاء الضباط الوحدويون الأحرار والقبض عليهم. ذهب بوغولة إلى سرت وتأكد من وجود اجتماع للإنقلابيين وشاهد القذافي وهو يصل إلى مكان الاجتماع بسيارة فولكس واجن زرقاء، إلا أنه تجاهل أوامر المقدم هامان وبذل جهداً كبيراً فيما بعد لطمس وإخفاء الأدلة التى تؤكد حدوث الاجتماع. وبعد فترة وجيزة اكتشف المقدم هامان أن الرائد بوغولة وزميله في الإستخبارات يوسف مانة كانا على اتصال بالمهدوي.

4- تمكن الأمريكان من معرفة تاريخ استلام الشلحي للسلطة من خلال ثلاثة مصادر:
الأول: في ربيع 1969 أثناء "زردة" ( نزهة) للقبائل في منطقة الصفصاف بالجبل الأخضر طلب الشيخ المجاهد عبدالحميد العبار21 رئيس مجلس الشيوخ وزعيم قبيلة "العواقير"، من المقدم موسى أحمد "الحاسي" عمل أي شئ لمنع آل الشلحي "البراعصة" من تولي مقاليد السلطة في ليبيا، قائلا: "كفاية عليهم" حسب تعبير الشيخ... وباح له بالسر الخطير وهو أن الشلحي سيستلم السلطة في شهر سبتمبر من ذلك العام.22


الشيخ عبدالحميد العبار

والثاني: هو الملازم محمد جمعه الشلماني الضابط المدسوس داخل مكتب الشلحي الذى كان يتصنت على مكالمات واتصالات الشلحي، فقد أبلغ الشلماني الإنقلابيين عن موعد حركة الشلحي بعد تصنته على محاورة تليفونية بين العقيد عبدالعزيز وأخيه عمر الموجود خارج ليبيا ذكر فيها التاريخ 5 سبتمبر. فى ديسمبر 1969 أدين الملازم الشلماني في محاولة الحواز الإنقلابية وسجن لعدة سنوات ثم أطلق سراحه.

والثالث: هو ضابط مخابرات إنجليزي إستدرجه الأمريكان فى حفلة عشاء بمدينة طبرق وعرفوا منه كلمة السر.

5- من أجل تدعيم مركزه وتولى الموالين له مراكز قيادية بالجيش قبل استلامه السلطة يوم الجمعة 5 سبتمبر 1969 وتحويل ليبيا من ملكية إلى جمهورية قام العقيد عبدالعزيز الشلحي، الذى كان يشغل منصب مدير التدريب ورئيس لجنة إعادة تنظيم الجيش، بتعيين صهره اللواء السنوسي شمس الدين السنوسي رئيساً للأركان ـ وكان يعانى من شلل خفيف ـ وعين صهره الآخر العقيد عون ارحومة شقيفة مديراً للحركات (العمليات). أما وزير الدفاع حامد العبيدي (توفى في سجن بنغازي في 6 فبراير 1970) فكان يعانى من مشاكل خاصة جعلته غير قادر على القيام بواجبه كوزير دفاع بكفاءة. وكان صديق العقيد الشلحي وزميل دفعته بالكلية الحربية المصرية23 العقيد حسين على الفرجاني يرأس الإستخبارات العسكرية.


العقيد السنوسي شمس الدين حامد العبيدي الرائد حسين الفرجاني
(1962)

كما قام العقيد الشلحي بتحويل العديد من الضباط الأكفاء، منهم حوالى نصف خريجي كلية العراق العسكرية،24 إلي الوظائف الإدارية البعيدة عن نطاق العسكرية الفعلية. ومع ذلك فقد حاول العقيد الركن صالح السنوسي عبدالسيد25 توحيد الصفوف بإقناع زملائه خريجي العراق بضرورة التعاون وتنسيق المواقف مع العقيد الشلحي، إلا أن قائد المجموعة العقيد الركن فوزى الدغيلى رفض رفضاً باتاً هذا الإقتراح وقال: "نحن لا نستجدي أحداً"، وبسبب موقفه المتشدد هذا فصل العقيد فوزى من التنظيم. وقد حاول بعض الضباط خريجي العراق رأب الصدع والإلتحام مع العقيد الشلحي والذى أبدى رغبة في التعاون، إلا أن الوقت كان قد فات وكانت إرادة الله هى الغالبة. وفي النهاية لم يجد النظام الملكي ولا العقيد الشلحي من يدافع عنهم في ساعة العسرة، وانتهى المطاف بالجميع الى دخولهم السجن.

العقيد صالح السنوسي

ولا بد أن نشير إلي أن العقيد عبدالعزيز الشلحي كان في بادئ الأمر متردداً في القيام بحركته، فمنذ سنة 1966 حذره زملاؤه، وكان من بينهم العقيد عبدالله سويسي من مغبة عدم حسم الأمور وضرورة إنقاذ البلد من المغامرين ومن الهيمنة الأمريكية، فنهرهم العقيد الشلحي قائلاً: الملك إدريس في مقام والدى ولا يمكن أن أخونه أو أنقلب عليه. لقد كان في اعتقاده أنه بامكانه أن يواجه مكر وخداع أمريكا.

6- تأثير الإعلام المصرى... خاصة إذاعة صوت العرب.. التي كانت تحرض على التمرد وتؤجج الجماهير العربية ضد الأنظمة الحاكمة والملكية منها خاصة بحكم أنها تابعة للأمريكان والإنجليز.

7- بداية تفشي الفساد السياسي والاقتصادي في الدولة.

وتنفيذاً لما اتفق عليه بين القذافي والأمريكان سنة 1966 وقع ما يلي:

فجر الأول من سبتمبر وقبل إذاعة البيان الأول للإنقلاب تم توحيد البث الإذاعي لأول مرة في ليبيا. كما تم تشغيل منظومة المخابرة العسكرية التى أمنت الاتصالات بين جميع وحدات الجيش. وكانت الشركات الأمريكية هي المخططة والمنفذة لهذا المشروع المهم... مما كان له الأثر المباشر في نجاح إنقلاب سبتمبر 69.
عند الساعة الثالثة من صباح الإثنين الأول من سبتمبر 1969، وبالقرب من أحد مداخل مدينة طرابلس الجنوبية، قامت سيارة وقود عسكرية أمريكية يقودها جندي أمريكي أسود بتزويد رتل المدرعات الذى كان يقوده الضابط الجرئ النقيب إمحمد الحاراتي بالوقود. ونكاد نجزم بأن سبب مقتل النقيب الحاراتي في حادث سيارة على طريق طرابلس الخمس في أكتوبر 1970 كان بسبب إفشائه لهذا السر الخطير، وقد قتل في نفس الحادث اثنان من أصدقائه هما محمد العريفي ومسعود بوكر.


النقيب امحمد الحاراتي

عند الساعة السابعة من صباح يوم الإنقلاب اتصل العقيد مختار كانون حكمدار مرور طرابلس هاتفياً بالعميد على عقيل نائب مدير الأمن العام، الذى كان يقاوم منذ الصباح الباكر مع ثلاثة من ضباط الشرطة ومجموعة من الجنود بعضاً من أفراد الجيش المدعمين بمدرعة، والذين كانوا يحاولون اقتحام مبنى مديرية الأمن بشارع سيدي عيسى بطرابلس (بسبب هذا الموقف المبدئي والوطني سجن العميد عقيل خمس سنوات) وبعد تبادل بعض الكلمات قال له العميد عقيل: "أنت يا مختار تقول لي سلم المبنى واترك سلاحك هكذا مثل ما قالوه لي الأمريكان... فقد اتصل بي قائد قاعدة الملاحة المستر جو يأمرني بعدم إفتعال مشاكل مع المسيطرين على البلد لأن كل شئ انتهى!!." والمستر جو هو العقيد و"الماسوني" دانيل جيمس (1920 - 1978)، تولى قيادة قاعدة الملاحة من أغسطس 1969 وحتى مارس 1970 وهو القائد الفعلي لإنقلاب سبتمبر.

العميد علي عقيل



العقيد دانيل جيمس العقيد مختار كانون الرائد عبدالمنعم الهوني الملازم عبدالفتاح يونس

كل هذا ومعمر القذافي كان ـ كما تؤكد عدة مصادر ـ مستلقياً على سريره في معسكر قاريونس يستمع الى الأناشيد العسكرية وقد وضع رجلا على رجل، ولم يصل إلى مبنى الإذاعة ببنغازي إلا عند الساعة السادسة إلا عشر دقائق... وذلك حسب رواية اثنين من "الضباط الوحدويون الأحرار" هما الملازم أول عبدالفتاح يونس والرائد عبدالمنعم الهوني.

عند الساعة الثامنة والنصف صباحاً دخل المقدم مختار الدعوكي، المسؤول المالي بمعسكر باب العزيزية ـ حيث مقر قيادة الجيش ـ إلى حجرة مليئة بالضباط، فأدى التحية للعقيد مفتاح الباح وقال: مبروك يا أفندم، معتقداً أنه قائد الإنقلاب، فرد عليه الباح مبتسماً: مبروك على إيه يا أهبل.. اقعد. وكان بحوزة المقدم الدعوكي جوازات وتذاكر سفر لمجموعة من قادة الإنقلاب كان من المفروض سفرهم عند الساعة العاشرة من صباح ذلك اليوم، الأول من سبتمبر، لحضور دورات تدريبية في بريطانيا.

وكان الفوج الأول من الضباط المحتجزين بمعسكر باب العزيزية يضم كل من العقداء عون ارحومه شقيفة، عزيز شنيب ومفتاح الباح والمقدمون نصرالدين هامان، بالعيد مرعي وشعبان عمارة. وقد استغرب هؤلاء الضباط دقة التخطيط، فقد كانت الأسرة والبطاطين والمأكولات جاهزة بالمعسكر لاستقبال المعتقلين، لا يستطيع حفنة من الملازمين القيام بذلك.

عند الساعة العاشرة وصلت إلى معسكر باب العزيزية مدرعات من نوع (صلاح الدين) و(فريت) و(سراسين) وعليها جنود يتصايحون، فوقف النقيب عبدالسلام إجلود عضو مجلس الإنقلاب ومعه سلاحه يحييهم وصاح: "لقد فتحوا لنا مخازن الأسلحة(من؟)... الآن يا إخوان الثورة نجحت!" ثم استدرك وانتبه أنه يكلم أناس محجوزين وضباط كبار فأمر رئيس العرفاء (بحرية) سالم سعيد أمين عام مجلس الوزراء، والعقيد فيما بعد، بإحضار الشاى للضباط المحتجزين، فقد قام ضباط أمريكيون بفتح مخازن السلاح والذخيرة في معسكري قرجي وبئر الأسطى ميلاد وتسليم 180 مدرعة جديدة للإنقلابيين، هذه المدرعات كانت محجوزة لهذا الغرض، ومنعت أيدى الجيش والقوة المتحركة والشرطة من الوصول اليها قبل ذلك التاريخ بحجة أنه لا بد من التدريب عليها وإجراء الصيانة اللازمة. وهناك معلومات لم نتمكن من تأكيد صحتها أن العميد أحمد جهيم الورفلي مدير عام القوة المتحركة في طرابلس قام بتسليم مفاتيح ومعدات القوة المتحركة إلى النقيب عبدالسلام إجلود بناءاً على أوامر صدرت له من السفارة الأمريكية.


الرائد إجلود

في هذا الجو المريح الآمن وأثناء إعداد الشاى بدأ النقيب إجلود في الثرثرة سارداً البطولات التى قام بها صباح ذلك اليوم وكيف أنه اقتحم بيت أحمد عون سوف وزير الداخلية الأسبق واستولى على الحلاطة (جراب السلاح والذخيرة مصنوع من الجلد يلبسه المحارب حول صدره) الخاصة بالمجاهد عون محمد سوف المحمودي والد أحمد، وكيف استولى أيضاً على سيف المجاهد المهدى إليه من قبل أحد السلاطين العثمانيين، وكيف أنه أهان وزيراً سابقاً وجعله يزحف على ركبتيه وكيف شتم وزير الزراعة حامد بوسرويل لأنه لم يهتم بطلبات والده.


أحمد عون سوف

عند الساعة الحادية عشرة صباحاً قام النقيب عبدالمنعم الهوني، عضو مجلس قيادة الإنقلاب ورئيس المخابرات العامة لاحقاً، والنقيب عبدالمجيد هامان بتوصيل يحي عمر سعيد، الذى اصطحب معه أكثر من عشرين حقيبة تضم بين طياتها ثروة من المجوهرات، من بيته بميدان القاديسية ـ الوسام الذهبي سابقاً ـ إلى قاعدة الملاحة الأمريكية وذلك بأمر من معمر القذافي شخصياً وبالتنسيق مع العقيد (دانيل جيمس) آمر قاعدة الملاحة وضابط المخابرات الأمريكي الجنرال (جوزيف كابوتشي). أما مصطفى بن حليم فقد أبلغته المخابرات الأمريكية ـ كما أبلغت رؤساء شركات النفط الأمريكية العاملة في ليبيا ـ بضرورة حزم حقائبة قبل الأول من سبتمبر فغادر ليبيا يوم الإثنين 25 أغسطس 1969.


الجنرال كابوتشي

شكل القذافي لجنة سرية برئاسة الرائد عبدالسلام إجلود ـ "محقق الجلاء" كما وصف على ملصقات صغيرة ظهرت عقب إنتهاء مسرحية مفاوضات الجلاء في 15 ديسمبر 1969 ـ وعضوية النقيب طيار فتحى بن طاهر26 والمستشار القانوني محمود البكوش للتفاوض مع الأمريكان والإنجليز بخصوص تعويض الدولتين عن قواعدهما في ليبيا. وبدون تردد وافق الإنقلابيون على دفع ثلاثة مليارات دولار لأمريكا و800 مليون جنيه استرليني لبريطانيا. وكانت هذه الصفقة أشبه بطوق نجاة لبريطانيا التى كانت تعاني آنذاك من مشاكل اقتصادية جمة. وبحسبة بسيطة تكون الدولتان قد إسترجعتا ما دفعتاه مقابل تأجيرهما للقواعد، أضعافاً مضاعفة.

بعد الإنقلاب لم تتوقف الطلعات التدريبية للطيران الحربي لدول حلف الأطلنطي (الناتو) فوق الأجواء الليبية والمتواجد على متن حاملات طائرات الأسطول السادس الأمريكي والقواعد العسكرية في أوروبا، بل وبحسب اتفاقات 1966 قام القذافي بتعيين ضابط برتبة نقيب بوزارة الخارجية الليبية ليقوم بمهمة التنسيق لطلعات طيران الحلف مع القيادات العسكرية المتواجدة بمقر القيادة الجنوبية للحلف الأطلنطي بمدينة نابولي الإيطالية، وحسب علمنا فهذه الاتفاقية ما زالت سارية المفعول ولم تلغ.

الخديـعة
"إن الشرط اللازم لبقاء أي حاكم فى السلطة... واستمرار تقدمه في مجال البناء والإصلاح هو أن يظهر بمظهر يستحيل القول معه أنه صنيعة لنا، وأن يتصرف بطريقة لا تظهر أي انسجام مع أذواقنا وميولنا. وباختصار، فإن مساندتنا لاي زعيم للوصول الى سدة الحكم والبقاء هناك حتى يحقق لنا بعض المصالح التى نريدها لا بد أن ترتطم بالحقيقة القاسية وهي أنه لا بد له من توجيه بعض الإساءات لنا حتى يتمكن من المحافظة على السلطة ويضمن استمرارها. كما أن هيكل النظام السياسي الذي يتبع ذاك الحاكم لا بد أن يكون طبيعياً وفطرياً وغير مصطنع، وبالتالي يجب أن يتضمن بعض العناصر التي تضمر عداء لمصالحنا."
( رجل المخابرات الأمريكي مايلز كوبلاند في كتابه "لعبة الأمم")

1- مغادرة السفير الأمريكي ديفيد نيوسم ليبيا نهائياً في شهر يونيو 1969 حتى يبعد الشبهه أن له أو للسفارة أى دخل فيما سيحدث في سبتمبر 1969. كما أن السفير الجديد جوزيف بالمر استلم عمله بتاريخ 9 أكتوبر 1969. وكان السفير البريطاني رودريك ساريل هو الآخر قد غادر ليبيا نهائياً في يونيو 1969!


السفير رودريك ساريل

كذلك ومن أجل إخفاء دوره في إنقلاب سبتمبر طلب من العقيد دانيل جيمس قائد قاعدة الملاحة مغادرة ليبيا فى مارس 1970 بعد أداء مهمته بتسليم السلطة لمجموعة (البلاك بوتس) التى كان يترأسها الملازم معمر القذافي. هذه المهمة التى جلب إليها العقيد جيمس خصيصاً في شهر أغسطس 1969، وكانت مكافأتها ترقيته إلى رتبة جنرال وتعيينه نائباً لمساعد وزير الدفاع الأمريكي لشؤون العلاقات العامة. كان أصحاب القرار الأمريكان في عجالة من أمرهم فلم ينتظروا حتى يقوم العقيد جيمس بتسليم القاعدة إلى السلطات الليبية في 11 يونيو 1970. بعد انتقال العقيد جيمس إلى منصبه الجديد بوزارة الدفاع عين العقيد جون جروم (John Groom) قائداً لقاعدة الملاحة وهو الذى أشرف على إخلاء القاعدة وتسفير المواطنين الأمريكان.


العقيد جون جروم

2- قامت أمريكا بجهد غير عادى لمساعدة الحكومة الليبية في بناء شبكة الإتصال اللاسلكي المخصصة لأجهزة الأمن والجيش وفي توحيد البث الإذاعي قبل الإنقلاب بشهور حتى تكون جميعها جاهزة يوم الأول من سبتمبر 1969.

3- الإعلان صبيحة يوم الإنقلاب عن تعيين العقيد الركن سعد الدين أبوشويرب رئيساً لأركان الجيش مع أنه استقال من الجيش آواخر 1967 (كان آخر منصب تقلده قبل استقالته هو آمر كتيبة الدروع الثانية) وكان يعمل كمحرر عقود من مكتبه بشارع عمر المختار بطرابلس، ويوم الإنقلاب كان موجوداً مع اسرته بالعاصمة الإسبانية مدريد. وقد فوجئ العقيد أبوشويرب بنشر صورته على الجرائد وبتعيينه رئيساً لأركان الجيش الليبي فتوجه إلى روما وبعد وصوله هناك اتصل به يحى عمر وصالح مسعود بويصير27 (أول وزير خارجية في عهد الإنقلاب) وطلبا منه التوجه فوراً إلى ليبيا لاستلام عمله كرئيس للأركان. 

يوم الإثنين 8 سبتمبر 1969 اصطحب بويصير العقيد أبوشويرب بالطائرة إلى تونس ثم إلى الحدود الليبية البرية حيث وجدا في انتظارهما سيارة عسكرية وبدلة عسكرية ليرتديها أبوشويرب كي يدخل البلد في الزي العسكري. بقى العقيد أبوشويرب أربعين يوماً بمعسكر باب العزيزية يزاول عمله كرئيس للأركان، ثم طلب منه أعضاء مجلس الإنقلاب الاستقاله بعد أن استقرت لهم الأمور، وأدى العقيد أبوشويرب (دون علمه) الدور المرسوم له من قبل المخابرات الأمريكية، ثم عينه الإنقلابيون سفيراً بالقاهرة.


العقيد أبوشويرب أثناء تقديمه لأوراق اعتماده للرئيس جمال عبدالناصر 17 نوفمبر 1969

ولا شك أن الإعلان عن تعيين العقيد أبوشويرب رئيساً للأركان أربك الضباط الموالين للملك وللشلحي ومنعهم من اتخاد أى إجراء ضد الإنقلابيين، حيث أن أبوشويرب كان محسوباً على الشلحي فهو زميل دفعته بالكلية الحربية المصرية، كما خدع هذا الإعلان أيضاً القيادة المصرية بأن العقيد الشلحي هو قائد الإنقلاب. والجدير بالذكر أن بعض الضباط القوميين قاموا فى صيف 1966 بتنبيه القيادة المصرية إلى احتمال إقدام أمريكا أو بريطانيا على تغيير النظام الملكي في ليبيا لصالحهما، وعندما تطرق الحديث إلى العقيد عبدالعزيز الشلحي كان رد العقيد حمزة البسيوني (الشهير) أحد مساعدى صلاح نصر مدير المخابرات المصرية: "إنه متعاون معنا."


العقيد الشلحي مع الرئيس عبدالناصر
القاهرة 5 فبراير 1969

4- عدم الإعلان عن أسماء ورتب الإنقلابيين إلا بعد مرور اسبوع من الإنقلاب حيث أعلن عن ترقية الملازم أول معمر القذافي إلى رتبة عقيد وتعيينه قائداً عاماً للقوات المسلحة يوم 8 سبتمبر 1969.

5- طبع مئات الصور للرئيس جمال عبدالناصر بمطابع قاعدة الملاحة سنة 1967 وتوزيعها على الجماهير في الأيام الأولى من الإنقلاب لإيهام الليبيين والعالم أن إنقلاب سبتمبر هو إمتداد لثورة 23 يوليو.

6- قامت المخابرات الأمريكية بطبع وتوزيع كتيبات تبين مساوئ الحكم الشيوعي، وقد عثر على أعداد منها ملقاة على الرصيف بالقرب من السفارة السوفيتية بمدينة الحدائق بطرابلس.

7- ربما يود القذافي أن تمحى الحادثة التالية من ذاكرة التاريخ. ففي يوم السبت 18 أكتوبر 1969 توجه معمر القذافي بعد أن صار عقيداً على رأس مجموعة من عربات نصف نقل نحو قاعدة الملاحة، حيث كانت تتمركز وحدة للقوات الجوية الليبية. وبدون أخذ موافقة مسؤولي القاعدة اندفع رتل السيارات إلى داخل القاعدة. وما هي إلا لحظات حتى كان العقيد دانيل جيمس قائد قاعدة الملاحة واقفاً عند البوابة الرئيسية، وشاهد القذافي بالقرب من حاجز البوابة سانداً يده على عقب مسدسه، فحملق فيه وأمره أن يبعد يده عن مسدسه، ولدهشة جميع الحاضرين أذعن القذافي.

البوابة الرئيسية لقاعدة الملاحة (ويلس) 1960

8- تقديم كل من مصطفى بن حليم ويحى عمر سعيد للمحاكمة غيابياً في ليبيا. وقد حكمت محكمة الشعب برئاسة الرائد بشير هوادي في 30 سبتمبر 1971 على مصطفى بن حليم بالسجن لمدة خمسة عشر عاماً بتهمة إفساد الحياة السياسية، أما يحى عمر فقد أصدرت إحدى المحاكم الخاصة حكماً بالإعدام عليه سنة 1981!

9- قامت وسائل الإعلام الأمريكية، وبإيحاء من المخابرات الأمريكية، بإظهار القذافي "المجهول النكرة" أمام الرأي العام العالمي والعربي بأنه ربح الجولة وأخرجهم من قواعدهم في ليبيا لإضفاء نوع من الهيبة والهيلمان ("البرستيج") عليه حتى يسيطر ويقنع الجميع أنه وطني قومي وليس عميلاً لأمريكا وبطلاً مزيفاً. إلا أن القذافي لديه إحساس عميق بأن كثيراً من أفراد الشعب الليبي والعربي يعتقدون ويرددون أنه صنيعة أمريكية. ولذلك فقد صار ديدنه الدائم تبرئه نفسه من هذه التهمة وكان آخرها يوم الأربعاء 2 مارس 2005 حينما قال: "لسنا أعداء ولا عملاء ولا حلفاء لأمريكا".

10- موقف أمريكا ـ الراعية للحريات ونصير الديمقراطية الأول في العالم ـ من المعارضة الليبية وتمويلها لعدة أطراف ومشاريع نضالية "فاشلة"، كان أهمها وأخطرها برامج الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا خلال الثمانيات. وقد استغلت أمريكا الجبهة لجمع معلومات عن المعارضة الليبية وللتعرف عن كثب عن الأوضاع داخل ليبيا والاتصال بعناصر عسكرية ومدنية مؤهلة لتقديم حكم بديل لنظام القذافي.

11- إنكار الإدارة الأمريكية أن لها يداً في إنقلاب سبتمبر 1969 وتنكرها للنظام الليبي بعد أن ثبت تورطه في الإرهاب العالمي وإزهاق أرواح مدنيين أمريكان، كما حصل في لوكربي وملهى لابيل الألماني، وتهديدها من حين إلى آخر بالتخلي عنه كلما شعرت بأنه يحيد عن خدمة المصالح والإستراتيجيات الأمريكية في المنطقة، ويبدو الآن أن العقيد ونظامه قد ارتمى بالكامل في الحضن الأمريكي وأصبح رهينة في يد أمريكا تصنع به ما تشاء.

الخلاصة
"فخامة الرئيس.. كلامك مردود عليه.. المملكة العربية السعودية.. واثقة.. المملكة العربية السعودية.. مسلمة، المملكة العربية السعودية ليست عميلة للاستعمار مثلك ومثل غيرك.. من جابك للحكم أنت؟ من جابك للحكم قللي الصحيح.. من جابك للحكم؟ لكن لا تتكلم ولا تتورط بأشياء مالك فيها لا حق ولا نصيب.. الكذب هو أمامك.. والقبر هو قدامك." (للاستماع)


الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي عهد المملكة العربية السعودية آنذاك موجهاً كلامه للقذافي خلال الجلسة العلنية لمؤتمر القمة العربي الذى عقد بمدينة شرم الشيخ في غرة مارس 2003



"قامت أمريكا بأشياء عظيمة حول العالم، مثل إعادة بناء أوربا بعد الحرب (العالمية الثانية) وقيادة النمو الاقتصادي العالمي، ولكن عندما يتعلق الأمر بالعالم الإسلامي فكل شئ تقريباً تلمسه الولايات المتحدة يتحول إلى رماد. سجل واشنطن في اختيار القادة الأجانب الطيعيين مروع. ففي عام 1969 قامت الاستخبارات المركزية (السى آى إيه) بوضع ضابط صغير، معمر القذافي، في السلطة في ليبيا..."

الكاتب والصحفي الكندي إيرك مرجولس في مقالة بعنوان "أمريكا ضيعت الكرة" جريدة (تورنتو صن) 24 يونيو 2007

أحمد منصور [مقاطعاً]: يعني القوى الكبرى اللي تقف وراء هذه الانقلابات؟
حسين الشافعي (نائب رئيس الجمهورية المصري الأسبق): طبعاً، هل ليبيا ديه مليون ونصف تقدر تعمل انقلاب يقف قدام أميركا وتطلع القواعد الأميركية منها؟!

برنامج بلا حدود، 17/7/2002 www.aljazeera.net

كان إنقلاب معمر القذافي وشلته من الضباط المغمورين، أمريكياً صهيونياً بكل المعطيات، وما كان له أن ينجح لولا تواطؤ حكومة ويلسون العمالية في بريطانيا، وتعاون عدد من ضعاف النفوس من الليبيين والعرب. فقد سرقوا ساعة الصفر عندما كانت البلاد مهيأة لتسلم العقيد الركن عبدالعزيز إبراهيم الشلحي السلطة يوم الجمعة 5 سبتمبر 1969، وبالتالى نجحت أمريكا في إفشال مخطط الشلحي وطرد الإنجليز واستلام ليبيا.

هناك بعض المؤشرات التى ربما تؤكد الحضور الماسوني في تنفيذ إنقلاب سبتمبر 1969 ولعل أهمها كون قائد قاعدة الملاحة العقيد دانيل جيمس والذى تولى الإشراف على تنفيذ خطة الإنقلاب كان عضواً في محفل "برنس هول الأعظم الماسوني"Prince Hall Grand Lodge. بعد نجاح مهمته في ليبيا عين العقيد جيمس نائباً لمساعد وزير الدفاع لشئون العلاقات العامة ثم ترقي في السلم العسكري حتى صار مساعداً خاصاً لرئيس أركان القوات الجوية الأمريكية، وكان أول ضابط أمريكي من أصل أفريقي يمنح رتبة "جنرال أربعة نجوم" (four star general). في سنة 1983 أطلق اسم الجنرال جيمس على المحفل الماسوني رقم 72 بولاية واشنطن الأمريكية.


العقيد جيمس فى حوار مع الرئيس الأمريكي جونسون

الماسونية منظمة سرية تدعو إلى الإلحاد والإباحية والفساد وإسقاط الحكومات الشرعية الوطنية والسيطرة عليها. وبعد دراستنا لأفكار وتصريحات وتصرفات مصطفى المهدوي ومعمر القذافي وبعد صدور كتاب المهدوي "البيان بالقرآن" سنة 1990 تبين لنا إنه ليس مستبعداً أن يكون المهدوي والقذافي من أتباع الماسونية. وإذا صحت هذه الفرضية فإن سيناريو إنقلاب حسني الزعيم في سوريا سنة 1949 قد تكرر في ليبيا سنة 1969. فقد ظهرت حديثاً معلومات دقيقة تؤكد أن حسنى الزعيم كان صنيعة ماسونية وأنه كان على اتصال بجهاز الإستخبارات الإسرائيلي. ولا بد أن نؤكد أن تحركات الماسون في العالم العربي تتسم بالسرية التامة بعكس أقرانهم في الغرب الذين لا يمانعون من البوح بإنتمائهم لهذه الجمعية والكثير منهم يرتدى خاتماً يحتوى على شعار الجمعية، كما أنهم يتصافحون بطريقة مميزة.


شعار الماسونية المصافحة الماسونية

أثناء إدلائه بشهادته أمام محكمة قضية لوكربي باسكتلندا في سبتمبر 2000 صرح عبدالمجيد جعاكة ـ أحد شهود الإدعاء الرئيسيين ـ أن القذافي متورط في مؤامرة ماسونية عالمية، وحينما طلب بإلحاح منه محامي الدفاع الكشف عن مصدر هذه المعلومة رد جعاكة أنه علمها من شخص في ليبيا ولأسباب أمنية لا يمكنه البوح باسمه.

ــــــــــــ
الهوامش
1- أخبار ليبيا: "عودة إلى القرصنة وطمس التاريخ" ـ 14 يونيو 2005.

2- نص كلمة القذافي يوم 11 يونيو 2005:
بسم الله.. بمناسبة مرور 35 عاماً على جلاء أكبر القواعد العسكرية لأكبر دولة.. نذكر أنفسنا والعالم أن أمريكا لم تدخل ليبيا بالقوة والحرب وإلا لاستشهد الشعب الليبي كله للحيلولة دون احتلال أرضه الغالية، وإنما دخلتها بطريقة باردة بواسطة حكومة مكونة من ملك عميل وعملاء مرتشين من شداد الآفاق.. من مرتزقة.. من عائلات دخيلة ليست عربية ليبية باعت الوطن بالمال لأنه ليس وطنها. فالخزي والعار على أولئك العملاء وعلى تلك العائلات الدخيلة الحقيرة.
ولما تولى زمام الأمر أبناء ليبيا الأحرار يوم الفاتح العظيم أمروا تلك القوات الأجنبية بالرحيل فرحلت في مثل هذا اليوم.. لأن الشعب الليبي العظيم بقيادة الفاتح العظيم أعلن الجلاء وتوجه إلى معسكرات التدريب العسكري استعداداً لخوض معركة التحرير إذا لم تنسحب تلك القوات المحتلة.. ولقد صممنا على القتال والتحرير وبدأنا الاستعداد للمواجهة فانسحبت القواعد العسكرية دون قتال.
ولكي لا يعود الاستعمار إلى أرضنا مرة أخرى فلا مفر من جعل الشعب المسلح حقيقة واقعة وليتأكد منها العدو نفسه.. فالشعب المسلح غير قابل للهزيمة، وعلينا أن نصمم على جعل الأرض الليبية تلتهب تحت أقدام أي عدو حتى تحترق تلك الأقدام مهما كانت قوتها، فلا حياة بلا كرامة.. ولا كرامة بلا حرية.. ولا حرية بلا قوة.. ولا قوة بلا شعب.. القوة في الشعب المسلح الذي لا يهزم.. فلنستعد رجالاً ونساء للدفاع عن أرض الوطن دائماً وأبداً بالحرص والمواظبة على التدريب العسكري العام والإنتظام في المناوبة الشعبية المسلحة.
فلتحيا الجبهة الداخلية الشعبية الصلبة القائمة على سلطة الشعب وأن نصمم على أن تبقى الأرض الليبية حرة طاهرة.. ولنستعد للاستشهاد في سبيلها إذا دعا الداعي وليكن شعارنا دائماً: الحرية أو الموت.. النصر أو الإستشهاد.
كل سنة وأنتم طيبون.. وكل سنة وأنتم منتصرون.

3- الدكتور آرمند جوليوس هامر يهودى أمريكي من أصل أوكراني. هاجر والده إلى أمريكا سنة 1890 حيث أنشأ الحزب الشيوعي الأمريكي سنة 1919. بمساعدة والده صار آرمند هامر مقرباً وصديقاً لأصحاب النفوذ والقرار في أمريكا، وقد عينه الرئيس جون كنيدي (رئيس أمريكا من 20 يناير 1961 إلى 22 نوفمبر 1963) بإيعاز من السيناتور آل جور الأب كموفد اقتصادي لوزارة التجارة وكان يوفد في مهام خارج أمريكا من بينها مهام تتعلق بليبيا رغم أنه كان معروفاً للإستخبارات الأمريكية بكونه رجل روسيا في عهدى لينين وستالين. كانت أول زيارة لهامر إلى ليبيا في 9 فبراير 1961 ـ ولكنها كانت خاطفة وغير رسمية ـ ثم زارها في عام 1962 ثم في أكتوبر 1964 حيث قابل الملك إدريس في كلتا الزيارتين.

الرئيس جون كنيدي

في سنة 1956 اشترى آرمند هامر شركة أوكسيدنتال بمبلغ مائة وعشرين ألف دولار، ثم صارت بفضل امتيازات التنقيب عن النفط التي تحصل عليها نتيجة علاقة وثيقة بعمر إبراهيم الشلحي ناظر الخاصة الملكية من أكبر شركات النفط في العالم. في سنة 1966 أعلن هامر اعتناقه المسيحية وانضمامه إلي الكنيسة الموحدة (Unitarian Church) بعدما اتهمه بعض الكتاب العرب بالعمالة لإسرائيل وجمعه أموالا للدولة العبرية! وهناك معلومات محدودة تفيد بأن هامر كان ينتمي للحركة الماسونية.

4- لمعرفة المزيد عن سيرة الدكتور الساحلي يرجى الإطلاع على مقالة الدكتور فرج نجم: الدكتور على الساحلي: السياسي والأديب، موقع "ليبيا اليوم"، 13 فبراير 2005.

5- يشهد التاريخ للزعيم المجاهد الملك محمد إدريس المهدي السنوسي أنه كان تقياً متواضعاً زاهداً في الحكم، عف اليد واللسان، ولم نسمع أنه بطش بأحد أو أمر بالإنتقام من خصومه، متشبتاً بالأخلاق الإسلامية السمحة، واضعاً مصلحة الوطن فوق كل اعتبار. تميز عهده المبارك (1951ـ1969) بقدر لا بأس به من الديمقراطية والحريات العامة والعدل وتكافؤ الفرص وبقدر هائل من التسامح... هذا التسامح الأبوي هو الذي فتح شهية المغامرين والعملاء وطلاب السلطة واللصوص.


بعد تسلمه الحكم جاء للملك بعض زعماء القبائل طالبين القصاص من أعدائهم من بنى وطنهم فرد عليهم قائلاً: "عفا الله عما سلف". كما منع أفراد أسرته السنوسية من تقلد المناصب السياسية، فيما عدا الوظائف الدبلوماسية. وفي صيف 1949 رفض تسليم ثلاثة من شباب جماعة الإخوان المسلمين هم (عزالدين إبراهيم ومحمود الشربيني وجلال سعده) إلى الحكومة المصرية طرقوا باب قصره طالبين حمايته وكانوا قد أتهموا في جريمة قتل النقراشي باشا، وأصر على أن يجيرهم كما تملي عليه العادات الإسلامية والعربية الأصيلة.


الزعيم المجاهد (1966)

لمزيد من المعلومات عن الملك إدريس والعائلة السنوسية الطيبة المباركة يمكن للقارئ الكريم الإطلاع على كتاب "الملك إدريس عاهل ليبيا: حياته وعصره"، تأليف ئي. ديكاندول، مانشستر 1989. ترجمة محمد القزيري ونشر محمد عبده بن غلبون.

6- لقد نقلت النص الحرفي لما قاله الدكتور على الساحلي لصديقه الذى قابله بمقهى ’علي الطيرة‘ بالمرج. ومما يؤكد أن الزائر كان هامر تعليق اللواء نورى الصديق عند استلامه البرقية إذ قال: "يقولون في البريقة أنه رئيس شركة أوكسيدنتال وأنا شاكك قد يكون من الحكومة الأمريكية". هذه الروايات في مجموعها تؤكد أن موفداً أمريكياً له علاقة بشركة بترول قابل الملك إدريس سنة 1962 بقصره في طبرق وطلب منه طلبات رفضها الملك جميعها.

7- ترأس الوفد الليبي لمؤتمر القمة السيد الحسن الرضا ولي العهد، ومن بين المرافقين كان د. محي الدين فكيني (رئيس الوزراء)، سيف النصر عبدالجليل (وزير الدفاع)، عز الدين عراب (وكيل وزارة الخارجية)، الصالحين الهوني (وكيل وزارة الأنباء والإرشاد)، بشير الحنش (وكيل وزارة الأشغال)، على القعود (من المحاربين القدماء)، عبدالحميد العبار (رئيس مجلس الشيوخ)، مفتاح عريقيب (رئيس مجلس النواب)، اللواء نورى الصديق (رئيس الأركان). ومن وزارة الخارجية على السني المنتصر، منصور الكيخيا وعلى أبوسريويل السكرتير الخاص لرئيس الوزراء. ومن ضباط الجيش عبدالعزيز الشلحي، محي الدين المسعودي، فوزى الدغيلي، ورمضان صلاح. ومن الشرطة الطاهر رحومه، وراسم النايلي و(محمد) الهلالي. وصل الوفد الليبي إلى القاهرة يوم 12 يناير على متن طائرة الخطوط الإيطالية، وخصص له الدور التاسع بفندق النيل هيلتون مناصفة مع الوفد المصرى. وكان رئيس بعثة الشرف المصرية عبداللطيف البغدادي عضو مجلس قيادة الثورة المصري.


محي الدين فكيني العقيد راسم النايلي مفتاح عريقيب

وكانت أهم النقاط والتوصيات التى وردت في جدول الأعمال هى:
• إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية كعضو رسمي يمثل كل الفلسطينيين.
• الإعلان عن قيادة عربية واحدة والعمل على تطوير الجيوش العربية والربط بينها وإظهار ورقة الدفاع المشترك كحقيقة واقعة.
• دعم مادي من الدول النفطية لتقوية جيوش الدول المواجهة لإسرائيل، وحددت ميزانية لذلك بنحو 80 مليون دولار.
• منع إسرائيل من تحويل مجرى نهر الأردن والعمل على إكمال السدود العربية وإنشاء مضخات خاصة في نهر اليرموك بين سوريا والأردن.

يوم الإثنين 16 يناير (أول رمضان 1383 هجري) تكلم الرئيس عبدالناصر قائلاً: "إن حركة الجيش تحتاج لمال وإن موارد البلاد المطلة على إسرائيل محدودة ولكن لا تنقصها القوة والأفراد وما تحتاجه هو دعم مادي يمد الجيش بطاقته الحيوية وهي السلاح والعتاد والأجهزة المتطورة وتدريب أفراد قادرين وبناء حصون. وبما أن الدول التى أنعم الله عليها بنعمة البترول عدد سكانها قليل أو بعيدة عن جبهة القتال تستطيع أن تساهم بمبالغ مادية لدعم الصمود والمواجهة لهذا العدو الذى تدعمه أمريكا والدول الغربية. فأرجو أن يكون وقع كلامي إلى هذه الدول وهى ثلاثة السعودية والكويت وليبيا. أرجو أن تعرف وتعي خطورة الموقف وتساهم ولو بقليل من ميزانيتها السنوية لدعم المعركة الكبرى التى تخصنا جميعاً ونسمع آراءهم أو وجهة نظرهم."



13 يناير 1964- القاهرة - الزعماء العرب في طريقهم إلى قاعة الإجتماعات ويرى في مقدمة الصورة من اليمين الرئيس الحبيب بورقيبة ثم الأمير عبدالله الصباح فالملك سعود

وقف الملك سعود بن عبدالعزيز وكان يعانى من شلل خفيف فى يده اليمني وألقى كلمة قصيرة قال فيها: "أنا مع الرئيس في تحمل هذه الدول بعض الجهد للمعركة ويكفى أنهم يضحون بالأرواح والمال أقل بكثير من بذل النفس. ومن هذا المكان تعلن المملكة العربية السعودية تخصيص مبلغ 40 مليون دولار دعماً للمعركة." وضجت القاعة بالتصفيق. ثم جاء دور أمير الكويت عبدالله الصباح وكانت الساعة تشير إلى الخامسة مساء فطلب عبدالناصر إرجاء كلمة الكويت إلا أن الأمير الصباح أصر على الكلام لدقائق معدودة قبل الإفطار وقال: "لقد خصصنا 15 مليون دولار دعماً للمعركة وهى معركتنا." وانهالت القاعة بالتصفيق. اختتم عبدالناصر الجلسة راجياً للجميع إفطاراً شهياً. وأجلت كلمة ليبيا إلى اليوم التالي 17 يناير لتوضح أمرها بالنسبة للدعم.

قبل الجلسة المقررة في اليوم التالي اتصل السيد الأمير الحسن الرضا هاتفياً بالملك إدريس في ليبيا وأعلمه بما تم في جلسة ذلك اليوم فرد عليه الملك إدريس قائلاً: " ندفع 55 مليون..". في المساء اقترح العقيد عبدالعزيز الشلحي على زملائه الضباط الخروج في نزهة ليلية لزيارة مسجد الحسين وأماكن أخرى بالقاهرة.

في أول الجلسة النهائية سأل عبدالناصر السيد ولي العهد الحسن الرضا: "إيه أخبار ليبيا.. كيف حال صحة الملك؟" رد السيد الحسن الرضا قائلاً: "أولاً الملك يبارك لكم الاجتماع ويدعو الله أن تكونوا أكثر قوة واتحاداً وعزماً وصلابة وأن تزداد المحبة بين الجميع، ويعلن أن ليبيا ستساهم في دعم القوة العربية بمبلغ 55 مليون دولار". ضجت القاعة بالتصفيق، ولكى يضفى عبدالناصر مزيداً من المرح أمسك بحلمة أذنه وقال للسيد الحسن الرضا: "سمعنى مرة تانيه" وقف السيد الحسن الرضا وفكيني وقالا في صوت واحد: "ستدفع ليبيا 55 مليون دولار بأمر مولانا الملك"... فتعالى التصفيق مرة أخرى.

قبل رجوع الوفد الليبي إلى طرابلس يوم 19 يناير خصه الرئيس عبدالناصر بزيارة بعض المنشآت العسكرية وكان من بينها الكلية العسكرية ومصانع الأسلحة ومعسكر لقوات الصاعقة والدبابات.

8- العقيد الركن رمضان صلاح من سكان مدينة غريان. تخرج من الكلية الحربية المصرية سنة 1955. إنسان مكافح صبور منظم ونشط. تدرج في السلك العسكري حتى صار كبير المعلمين بالكلية العسكرية الملكية ببنغازي. كان قليل الأهتمام بالسياسة، اتخذ العسكرية مهنة وهواية. كان فخراً له ولليبيا أن يختار من قبل أربعة عشر ملكاً ورئيساً حضروا القمة العربية سنة 1964 ليكون المعاون الثاني للفريق على عامر. بعد انتهاء حرب يونيو 1967 بعدة أشهر قدم العقيد رمضان استقالته من القيادة العربية الموحدة وعاد إلى ليبيا. ولكن جاء الأمريكان ومعهم ملازم حقود ليودع الضابط الكفؤ والوطني الصادق العقيد رمضان صلاح في السجن. وبسبب خوف النظام من الرجال من أمثال العقيد رمضان من ذوى السمعة الطيبة أبعد من ليبيا كسفير لبلاده في تشيكوسلوفاكيا. بعد عمليات الزحف الغوغائية على السفارات الليبية في بداية الثمانينات رجع العقيد رمضان إلى ليبيا ليشتغل في الأعمال الحرة كتاجر رخام.

9- وصلت إلى البيضاء ثلاث برقيات للدعوة لاجتماع رؤساء الأركان العرب بالقاهرة من رئيس الدائرة العسكرية بالجامعة العربية بعد ساعات قليلة من إنتهاء الرئيس عبدالناصر من القاء خطابه في 23 ديسمبر 1963 ببورسعيد. وعلى الفور كلف محي الدين فكيني رئيس الوزراء اللواء نورى الصديق رئيس الأركان لحضور الاجتماع والذى بدوره اختار الضابطين محي الدين المسعودي وحسين الفرجاني لمرافقته إلى الاجتماع. قرر رئيس الأركان الذهاب إلى الاجتماع عن طريق البر، فغادرت سيارتان مدينة البيضاء فجر اليوم التالي لوصول برقيات الدعوة. استقل رئيس الأركان سيارة مرسيدس واستقل المسعودي والفرجاني سيارة فولكس واجن تابعة للإستخبارات. وبسبب رداءة الطقس ووجود شبورة عاليه انقلبت السيارة التى كان يستقلها المسعودي والفرجاني في المنطقة ما بين قريتى التميمي وام الرزم. غضب رئيس الأركان لتهور الضابطين وأمرهما بالإنصراف وتركهما وواصل سيره.

في المساء وصل رئيس الأركان للإسكندرية ونزل بفندق المتروبول على أن يسافر إلى القاهرة في اليوم التالي، لكن في صباح اليوم التالي وصلت برقية من سيف النصر عبدالجليل وزير الدفاع استلمها القنصل الليبي بالإسكندرية أحمد السوري تطلب من رئيس الأركان العودة إلى ليبيا. وحينما استفسر رئيس الأركان برقياً عن السبب جاء الرد: "ارجعوا فوراً" دون ذكر الأسباب. وبعد محاورة تليفونية مع سيف النصر عبدالجليل علق اللواء نورى الصديق قائلاً: "أنا عارف هادى العمله صاحبها بوقويطين!"

فور رجوعه إلى البيضاء قابل نوري الصديق رئيس الأركان رئيس الوزراء محي الدين فكيني في بيته الذى عاتبه موضحاً له أنه هو الذى أرسله شخصياً وكلفه وهو رئيس وزير الدفاع وكان عليه عدم الرجوع ولا يسمع كلام أحد، وإن ما يحدث وراء ظهره هو لعبة من الفريق محمود بوقويطين (قائد عام قوات الأمن) الذى بدأ يتدخل كثيراً في شئون الجيش، وطمئن رئيس الأركان أنه سيتم معالجة ما حصل وسوف يذهب إلى الملك بطبرق. وطلب من رئيس الأركان الذهاب إلى وزير الدفاع لمعرفة من بلغه بالرجوع ولماذا تصرف دون علم رئاسة الوزراء.


سيف النصر عبدالجليل (1963)

سافر رئيس الأركان إلى بنغازي وقابل وزير الدفاع في بيته والذى بادره بقوله: "أنا لم أفعل إلا ما أمرنى به الملك الذى اتصل بى وقال خلى نورى يرجع بلاش المؤتمر هذا فهو لم يستأذني في الذهاب وأنا نفذت ما طلبه الملك وتستطيع أن تذهب إلى طبرق وتلحق المؤتمر." رفض رئيس الأركان الذهاب إلى طبرق. واجتمع رؤساء الأركان في القاهرة بغياب الوفد الليبي وقرروا عدة توصيات قدمت فيما بعد إلى القادة العرب في مؤتمر القمة العربي الأول الذى عقد بالقاهرة في يناير 1964.

10- رفض الأمير الحسن الرضا السنوسي، هذا الإنسان التقي المتواضع، الدخول في مؤامرات ضد شعبه وأمته. كان يؤمن بأن مستقبل ليبيا يجب أن يكون في يد أبنائها وأنهم قادرون على النهوض بهذه المسؤولية، إلا أن الأمريكان تضايقوا من توجهات الأمير الوطنية واتهموه بالجهل فى أمور السياسة: "لأنه يعتقد أن في مقدور ليبيا أن تدير أمورها بنفسها دون مساعدة من أمريكا وبريطانيا" (تقرير مرسل من السفارة الأمريكية بطرابلس إلى وزارة الخارجية بواشنطن بتاريخ 11 اكتوبر 1968 ـ بن حليم: ليبيا انبعاث أمة.. وسقوط دولة، ص532).
 
كما لم يفت الأمريكان انتقاد صهر الأمير الأستاذ الفاضل الطاهر إبراهيم باكير، سليل بيت العلم والشرف، وبالتأكيد لم ينسوا تصريحات باكير المدوية أثناء انعقاد مؤتمر القمة العربي بالقاهرة سنة 1964، وكان حينها سفيراً بالقاهرة، عندما صرح للصحفيين: "بأن ليبيا ليست فى حاجه للمساعدات الأمريكية والبريطانية، وأنه في مقدور مجموعة من التجار الوطنيين توفير ما تدفعه هاتان الدولتان مقابل تأجيرهما للقواعد العسكرية."

الطاهر باكير

لقد أكرم الله الحسن الرضا بأن عاش آخر أيامه في حرية وأمان بين أحضان اسرته الكريمة بلندن وأن يدفن بعد وفاته سنة 1992 في المدينة المنورة بالقرب من حضرة سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وصحابته رضوان الله عليهم وبجانب عمه الملك المغفور له محمد إدريس السنوسي.
11- أنشئت مدرسة الزاوية العسكرية سنة 1953 لتخريج دفعات سريعة من الضباط. كان آمر المدرسة إدريس عبدالله أحد ضباط جيش التحرير السنوسي يعاونه ضباط إنجليز وعراقيين. للإنخراط فيها كانت المدرسة لا تشترط حصول الطالب على الشهادة الثانوية، وقد تخرج من المدرسة من كان عمرهم سبعة عشر عاماً. كانت مدة الدراسة ستة أشهر يتحصل بعدها الخريج على رتبة ملازم ثان. التحق بالمدرسة حوالى أربعون شاباً من مختلف مناطق ليبيا، تخرج منهم قرابة ثلاثة وثلاثين والبقية تركت الدراسة. أقفلت المدرسة بعد سنتين من إنشائها.


العقيد إدريس عبدالله
خريجوا مدرسة الزاوية:
عزيز شنيب (نائب مدير التدريب فيما بعد)، يونس العمراني، أحمد المدفعي (تولى إمرة صنف المخابرة)، محمد بن يونس المسماري، مختار إبراهيم البنغازي (تولى إمرة صنف الدروع)، شعبان عمارة، عثمان عباس القاضي، يوسف القزلة، عبدالله المنصوري، سليمان عمر خليفه، على المريمي، خليفه المحمودي، محمد احميده حراقه، أحمد العقوري، عبدالحميد بالاعمي، عبدالله حلوم، عبدالله الحمروش، حسين الشريف، حسين بادى، مختار الغناي، سالم جعفر، عبدالونيس العبار، مفتاح العبار، مفتاح الفيتوري، بشير اليفرني، بهجت الترجمان وطارق عبدالباقي. بعد تخرجهما أختير عزيز شنيب ويونس العمراني لاستكمال تدريبهما بكلية ساند هيرست ببريطانيا. وانضم الترجمان وعبدالباقي فيما بعد لجهاز الشرطة.

 
العقيد عزيز شنيب

ويلاحظ ورود اسمى العقيد يونس العمراني والعقيد مختار إبراهيم البنغازي في البرقية المرسلة من وزير خارجية أمريكا إلي السفارة الأمريكية بطرابلس في 18 أبريل 1968 (أنظر أعلاه تحت عنوان الإختراق). تولى العقيد العمراني إمرة صنف هندسة ميدان بمعسكر قاريونس ثم بعد الإنقلاب عين سفيراً بوزارة الخارجية. أما العقيد البنغازي فقد كان من الضباط القلائل الذين دعاهم التلفزيون الليبي للحديث في برنامج "شهادات للتاريخ" أواخر التسعينيات. وكان المتحدثون يسردون عادة الوقائع والروايات التى يكون بطلها القذافي وفي بعض الأحيان زملاءه من الضباط الأحرار المتورطين معه.

أما باقى الخريجين وكانوا ستة ضباط: فرحات العماري (كتيبة المشاة الثالثة) وسالم الفرجاني (صنف مشاة)، وعبدالوهاب العاشق (آمر الشرطة العسكرية بالمرج)، وعابد جاد الله، وعلي لطيوش (قريب وصهر اللواء السنوسي لطيوش)، وخليل العبار (مدير مكتب رئيس الأركان) وكان معهم ضابط النقليات السنوسي شلوف أحد جنود جيش التحرير السنوسي وإدريس سعد (آمر معسكر البركة)، فقد اتهموا جميعاً بالمشاركة في محاولة إنقلابية آواخر 1961 والتى كانت ستنطلق من مدينة المرج أوائل 1962. وكانت هذه المحاولة فيما يبدو رداً على تنحية اللواء السنوسي سعيد لطيوش (أحد ضباط جيش التحرير السنوسي) من منصب رئيس الأركان في نوفمبر 1961 وتعيين بدلاً منه اللواء نورى الصديق بن إسماعيل.


اللواء السنوسي لطيوش م أول مختار البنغازي (1959)

وقد تصدى للإنقلابيين ضباط أوفياء من أمثال عمر شنشن والطاهر الناجح وفوزى الدغيلي ورمضان غريبيل وآخرون أغلبهم من دفعات العراق وأفشلوا الإنقلاب، وقبض على الإنقلابيين وسجنوا، ولكن الملك إدريس وقبل قضائهم مدة سجنهم كلف عبدالحميد البكوش وزير العدل آنذاك بإصدار مرسوم بالعفو عنهم. وقد أنعم الملك على الضباط الأربعة الذين أفشلوا الإنقلاب بوسام الإستقلال تكريماً لهم. عين اللواء السنوسي لطيوش والذى لم يكن له أي دور في المحاولة الإنقلابية فيما بعد وزيراً للمواصلات في وزارة محمود المنتصر الثانية سنة 1964 وفي حكومة حسين مازق التى تلتها سنة 1965.

12- كان اللواء نورى الصديق أحد ضباط جيش التحرير السنوسي الذى ساهم مع الحلفاء في هزيمة القوات الإيطالية والألمانية في ليبيا. تولى رئاسة أركان الجيش في الفترة من 1962 إلى 1968 والتى تعتبر من أفضل فترات الجيش الليبي. كان قائداً مخلصاً متسامحاً متواضعاً ومحباً لمرؤسية، ومع ذلك فقد كان حازماً في الأمور التى تتطلب الحزم.

ويحضرنى قوله: "والله إنه أرجل من خمسين ضابط، لو كان في بلد تانى لقدروه وكرموه" وكان يقصد بهذا المديح الضابط طيار صلاح الدين الهنشيري. وتتلخص قصة هذا الضابط كما يلي:


اللواء الصديق
(1966)

صلاح الدين العارف الهنشيرى من أقدم الطيارين الليبيين وأبرعهم. خريج مدرسة بلبيس للطيران بمصر سنة 1959. كان طياراً جرئياً وشجاعاً ولربما لحد التهور، وكاد مرة أن يفقد حياته عندما ارتطمت طائرته بصارى مركب صيد بميناء بنغازي. كان إنساناً مرحاً بشوشاً ومحبوباً من الجميع. رغم أقدميته بقى مدرباً للطيران وكان هذا لا يزعجه بل كان يقول: "حريتى أفضل من تحمل مسؤولية الطيران".
في آواخر ديسمبر 1966 ـ وبدون استئذان من أحد ـ توجه الطيار صلاح الدين بطائرته ذات المحرك الواحد (كانت مصر قد أهدتها لليبيا) إلي لندن ليحضر حفل رأس السنة فى ميدان الطرف الأغرTrafalgar Square . دخل الأجواء البريطانية بدون تصريح أو جواز سفر وفي جو غيم. سمح له بالهبوط في مطار صغير وقال لبرج المراقبة: "أنا جاى أحضر الكريسماس عندكم". فأقتيد إلى مركز للشرطة وتأكدوا من هويته وأبلغوا السلطات الليبية التى اعتذرت. سمح لصلاح الدين بالبقاء ليلة واحدة وتمكن من حضور حفل رأس السنة عند الطرف الأغر برفقه ضابط شرطة إنجليزي. عند رجوعه إلى ليبيا في اليوم التالي قبض عليه في مطار طرابلس وعوقب بعشرة أيام اعتقال ثكنة وتأخير ترقيته. ومع ذلك فقد أثنى اللواء نورى الصديق على شجاعة وجرأة عاشق الحرية الطيار صلاح الدين الهنشيري.


الملازمان محمد شنيب وصلاح الدين الهنشيري (الأول من اليمين)
يؤديان التحية لولى العهد عند وصوله إلى كولورادو سبرنجز بأمريكا - أكتوبر 1962 
13- قام العقيد الشلحي برحلة أوائل يونيو 1967 على متن طائرة عسكرية إلى كل من مصر وسوريا والأردن. رافقه في هذه الرحلة كل من د. أحمد البشتي وزير الخارجية والطيار سليمان العمراني. أخذ العقيد الشلحي معه أربعة شيكات بقيمة 55 مليون دولار. سلم 25 مليونا لمصر باسم القوات المسلحة و15 مليونا لسوريا باسم حزب البعث و10 مليون للاردن باسم الديوان الملكي وذلك حسب طلب رؤساء هذه الدول و5 مليون سلمت لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية أحمد الشقيري باسم منظمة التحرير الفلسطينية وكان تعليق العقيد الشلحي: "تمنيت لو أن كل الشيكات ذهبت إلى عبدالناصر".


العقيد الشلحي ود. البشتي في ضيافة الرئيس عبدالناصر - القاهرة 1 يونيو 1967

14- إضافة إلى الدور الرئيسي الذي لعبه المستشار مصطفى كمال المهدوي ـ العضو المؤسس للمركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر ـ في الدفع بمجموعة الضباط الوحدويون الأحرار ودعمهم في القيام بحركة سبتمبر 1969، فقد أقدم عام 1990 على نشر كتاب سماه "البيان بالقرآن" تعرض فيه بالنقد للمبادئ والمعتقدات الأساسية الإسلامية، ناكراً حق رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيان والتشريع. لقد أراد المهدوي أن يكون كتابه البيان بالقرآن بمثابة "الكتاب الأخضر" في الدين وليكون بديلاً عن المذاهب الإسلامية المعروفة. ولم ينف المهدوي علاقته بمجموعة الضباط الوحدويون الأحرار حيث جاء في أحد ردوده على ما كتبه الأخوين حسن وحسين عبدالحميد الزاوي (أخـبار ليـبـيا 11 فبراير 2006) ما يلي:

"... وأما عن علاقتي بالضباط الوحدويين الأحرار فإن قلت لا علاقة لي بهم فإنني أتبرأ منهم وإن كانت لي علاقة بهم فكأنني لا أحب أن ادعي شيئا لا دليل عليه عندي وأنا لا أقول كل ما يقول القائد وهو لا يقول كل ما أقول ولكننا ننهل من مدرسة واحدة هي مدرسة القرآن فيه تبيان كل شئ وما من رجلين في مدرسة واحدة إلا تشابهت قلوبهما."


الأستاذ والتلميذ

فلا يخفى وجود توافق بين المهدوي والقذافي ليس في الدفاع عن القرآن ولكن في هدم السنة المحمدية وإبطالها واستبدال شريعة الله بشريعة الأهواء، ولولا فضل الله وغيرة الليبيين على دينهم لكانت فتنة ولحلت بشعبنا كارثة لا يحمد عقباها ولكن الله سلم. وما كان رفع شعار "القرآن شريعة المجتمع" إلا للتضليل والتشويش وإفساد عقيدة الناس. لقد أكد المهدوي في كتابه ما كان كثيرون يرددونه حول موقف العقيد القذافي من السنة النبوية. وقد صرح المهدوي لأحد محاوريه: "أنه يصلى صلاة القرآن مع أقرانه بمصر، وإذا صلى خلف واحد من غير القرآنيين صلاة العصر أو المغرب مثلاً، فإنه ينوي صلاة ركعتين للفرض، ومازاد يكون قربى إلى الله!"

ومن أمثلة ما يؤمن به المهدوي وتلاميذه ويحاول ترويجه ونشره بين شعبنا الليبي وأمتنا الإسلامية والذى تم توثيقه فيما بعد في كتاب "البيان بالقرآن" ما يلي:

• أن القرآن يفسر بعضه بعضاً ولا يحتاج إلى بيان سواء من ‏السنة القولية أوالعملية أو غيرها من آراء العلماء والمفسرين.
• إن الصلاة ركعتان فقط وإن الصلاة لا تقصر في السفر، بل في الخوف فقط، وإذا ‏قصرت تكون ركعة واحدة، ولا يشترط قراءة الفاتحة في الصلاة.
• إن الاحتلام لا يوجب الغسل، وخروج الريح والضراط لا ينقض الوضوء.
• المرأة يجب ‏عليها أن تصلي وأن تصوم وهي حائض، والمريض لا يجوز له التيمم.
• أنه يجب على المسلم أن يصوم إلى الليل ولا يحل له ‏الإفطار عند الغروب.
• لا يوجد مقدار معين للزكاة أو بيان الأموال التي تجب فيها ولا ‏ميقات للزكاة إلا في بعض الحالات مثل زكاة الزروع فإنها تؤتى يوم الحصاد.
• إن الحج يجوز في المحرّم وشوال، ولا يشترط أن يقف الحاج بعرفة يوم التاسع من ذي ‏الحجة، وأن رمي الجمار بمنى يعتبر نصباً ما أنزل الله به من سلطان.
• الختان ليس من سنة الإسلام وشحم الخنزير حلال.

لمعرفة المزيد عن المهدوي وكتابه البيان بالقرآن أنظر الملاحق 1-3.

من معجزات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أنه أخبرعن أشياء ستقع ووقعت، ونبهنا عن أشخاص من أهل البدع والأهواء ومنكرى سنته سيأتون من بعده. فعن المقدام بن معد يكرب ـ رضى الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوشك الرجل متكئاً على أريكته يحدّث بحديث من حديثي، فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه من حلال استحللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا وإن ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله". وعن أبي رافع ـ رضى الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته يأتيه الأمر مما أمرت به أو نهيت عنه، فيقول: لا أدرى، ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه."

ينكر المهدوي بأن له أي علاقة بكلية فكتوريا، التى مقرها مدينة الإسكندرية بمصر، سوى أنه درس فيها لعدة أشهر وهو طفل. ولكن نلاحظ أن من بين أصدقائه المقربين خريجين من تلك الكلية معروفين في المجتمع الليبي بأفكارهم الغريبة وتصرفاتهم الحمقاء وقد تقلد بعضهم مناصب عليا في الدولة ويشاع أنهمجميعا من أتباع الماسونية.



كلية فكتوريا (1950)

قد استنكر الليبيون ما كان يصرح به القذافي في أمور الدين وتهجمه السافر على السنة النبوية المطهرة وعلى أئمة وعلماء المسلمين وتزييفه للتاريخ الليبي والإسلامي. وقد قام كل من الشيخ الشهيد محمد عبدالسلام البشتي وفضيلة المفتي الشيخ الطاهر أحمد الزاوي بالتصدى بحزم على إفتراءات القذافي. كان الشيخ الزاوي في بعض الأحيان يصلى صلاة الجمعة بمسجد القصر الملحق بقصر الخلد بطرابلس خلف الإمام محمد البشتي، وكان من رواد المسجد الشهيدين رشيد كعبار ولطفى امقيق.


رشيد منصور كعبار الشيخ محمد البشتي الشيخ الطاهر الزاوي

بعد الصلاة كان الشيخ الزاوي يقف ويتحدث عن بعض الأمور التى كانت تشغل بال الليبيين منتقداً في بعض الأحيان قرارات القذافي الجائرة مثل قانون اغتصاب الأملاك الذى عرف بقانون رقم 4 الصادر سنة 1978. وفي إحدى جمع سنة 1979 وقبل صعود الخطيب المنبر نهض الشيخ الزاوي وقال بصوته الجهوري: "أريد أن أقول لكم كلمة... إن القذافي... كافر كافر كافر!" ثم جلس. بعد هذا التصريح الخطير تعرض الشيخ وتعرضت دار الإفتاء لحملة عدائية شرسة من قبل القذافي ولجانه الثورية ولكن الشيخ المجاهد صمد، رغم كبر سنة، فهو من مواليد عام 1890، ولم يرضخ، وظل يجاهر بقولة الحق بكل جرأة وشجاعة، ولكن لما سدت في وجهه كل طرق للتعبير عن رأيه اضطر لتقديم استقالته من دار الإفتاء آواخر سنة 1984 واعتكف في بيته بشارع الجمهورية بطرابلس إلى أن انتقل إلى رحمه الله تعالى في 6 مارس 1986.

15- بعد صدور النسخة المزيدة من هذه المقالة في 31 أغسطس 2006 وصلتنا رسالة بالبريد الإلكتروني من المستشار مصطفى المهدوي فيما يلي نصها وردنا عليها:

عملاً بحرية الحوار أرجو نشر هذا التعقيب وشكراً.. (بلاغ لمن كان له قلب)
عاد فرج مفتاح او مفتاح الفرج الى مفترياته تارة اخرى بعدما اقمت الحجة الدامغة على ان رحلتى الى القدس سنة 1966 كانت للقيام في المسجد الاقصى عبر مهمة الى الكويت.
العودة هذة المرة بمناسبة وفاء القائد لرفاقه وضباطه ولجان ثورته، وكان من قبل يظن انه قادر على ان يفرق بينه وبين رفاقه، وان يتخذ بين ذلك سبيلا، وذلك ظنه الذى فجر الغيظ فى قلبه فألجأه الى المين ظلما.
يقول فرج مفتاح او مفتاح الفرج ان الحكومة الامريكية طلبت من مخابراتها في ليبيا ان تجمع عني وعن أبعاض اخرين أكبر قدر من المعلومات، ولو كنت عميلا امريكيا او صهيونيا كما يقول لما كانت هذه الحكومة فى حاجة الى ذلك، بل انها كانت تكلفني بان أجمع لها هذه المعلومات عن اولئك الاخرين.
قلتم انكم تتطلعون الى دعوتي للحوار، وقلت إجمعوا من شئتم آتيكم فردا، ولكن يبدو انكم تفضلون التحصن في موقعكم لرمي الناس بالغيب (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما إكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) الاحزاب 58
المستشار مصطفى كمال المهدوي
---------------------

سيادة المستشار مصطفى كمال المهدوي/ بنغازي ـ ليبيا...

أشكرك على رسالتك الإلكترونية المؤرخة في 20 سبتمبر الماضي والتى نشرت على موقع "أخـبار ليـبـيا" في 4 أكتوبر 2006 ومعذرة لتأخري في الرد.
أولاً، أحيي فيك صراحتك واعترافك بعلاقتك بالعقيد معمر القذافي وبحركة الضباط الوحدويين الأحرار أو تنظيم (بلاك بوتس Black Boots). وأُكبر فيك تواضعك الجمّ، ذاكراً العقيد القذافي بأحب الألقاب إلى نفسه، مع أنه في الحقيقة تلميذك النجيب الحريص على كتمان أسراركما، المنفذ لتعاليمك وتوجيهاتك كما جاءت في كتابك "البيان بالقرآن" وربما قبلها في الكتاب الأخضر.
وقد علمت مؤخراً بتكريمك من قبل "الجمعية الوطنية لرعاية الشباب" ببنغازي، وقد حزنت إذ لم يأت هذا التكريم من هيئة دولية أو مؤسسة ليبية معتبرة أو من دولـة عظمى تقديراُ للجهد الذى بذلته في إيصال مجموعة (بلاك بوتس) إلى سدة الحكم وتمكين أمريكا من السيطرة بالكامل على منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط بوضع حد للنفوذ البريطاني وإخراج الإنجليز من آخر قواعدهم في شمال أفريقيا.
كما تابعت وأتابع ـ بكل استغراب ـ إعادة نشر كتابك "البيان بالقرآن" على شبكة المعلومات العالمية. ويتملكني شعور بأن من يقوم بذلك أو من أشار عليك به هو شخص لا يراعي شعور المسلمين ولا يحترم حكم القضاء الليبي ولا رأي الغالبية العظمى من العلماء الليبيين والمسلمين الذين أدانوا نشر هذا الكتاب المسموم، ويساورني الشك في أنه لا يعرف مصلحتك ولا يقدرها. على العموم نترك لعلمائنا وشيوخنا مهمة الرد على ما جاء في الكتاب ونحوّل أمر نشره مرة آخرى إلى القضاء الليبي.
نعود إلى رسالتك المشار إليها أعلاه وأستغرب تركيزك وللمرة الثانية على زيارتك للكويت في صيف 1966 مع تجاهلك الكامل الحديث عن زيارتك للبحرين ومقابلتك لأميرها الشيخ عيسى بن سلمان. وأرجو ألا تكون قد ضيعت أو بعت الساعة الثمينة التى أهداك إياها الأمير. أما عن زيارتك لإسرائيل ومن واجب حرصنا على سلامة مصادرنا نؤجل تقديم الدليل الدامغ.
كما لم نسمع تعليقك على دورك القيادي في التخطيط لمحاولة إنقلاب فبراير 1966، ولا على سبب ذهابك إلى قاعدة الملاحة الأمريكي في طرابلس ومعسكر قاريونس في بنغازي بصفة دورية، ولا على نشاطك الملحوظ في تجنيد العسكريين الليبيين ودعوتهم لزيارة قاعدة الملاحة، ولا على سبب تكليف العقيد القذافي لك برئاسة محكمة الشعب. ثم ماذا عن المهام السياسية البالغة الأهمية التى كلفت بها؟ وقد تحدثنا تفصيلاً عن إحداها ( التوسط لتسوية النزاع مع تشاد) في مقال بعنوان "جريمة في تشاد" نشر على موقع "أخـبار ليـبـيا" يوم 30 ديسمبر 2006.
ومن حسن حظك أن أغلب الشهود الأحياء وهم كثر والذين يؤكدون ما قلناه عاجزين عن الكلام بسبب سياسة القمع وتكميم الأفواه في جماهيرية تلميذك.. عفواً قائدك.
إننا بكل بساطة أردنا أن نعلم شعبنا الليبي عن بعض خفايا وأسرار مؤامرة سبتمبر 1969 كما عاصرناها. ولم يكن في نيتنا أن نفرق بين القذافي ورفاقه ولجانه الثورية فهم في جعبة واحدة، ومع هذا نقول لهم جميعاً: اتقوا الله في شعبكم وردوا الحقوق إلى أهلها قبل فوات الآوان ولا تتوهموا لحظة واحدة أن الشعب الليبي قد خدع وأن اللى فات مات!
أما عن علاقتك بالمخابرات الأمريكية فهذا أمر مفروغ منه وموثق بشهادات قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية والسياسية في ذلك الوقت، ومنهم من قدم شهادات مكتوبة سننشرها بإذن الله في الوقت المناسب. وحتى يحين ذلك الوقت ـ وعسى أن يكون قريباً ـ فإنك بصمتك، يا سيادة المستشار، تحرم شعبنا الليبي من متعة (بل من حقه في) معرفة كيف تمكن ثلة من صغار الضباط المغمورين من السيطرة خلال ساعات قليلة على بلد مترامي الأطراف به جيش وشرطة واستخبارات وقواعد أجنبية؟
أخيراً أقول كما قلت أنت: عملا بحرية الحوار أرجو نشر هذا التعقيب على صفحات أى مطبوعة في ليبيا وشكراً.
مفـتاح فـرج
10 يناير 2007

16- تأسست الكلية العسكرية الملكية سنة 1957 وكان مقرها قصر الغدير بمنطقة بوعطنى ببنغازي. بدأ بالتدريس فيها ضباط عراقيون ثم خريجوا الدفعات الأخرى وكانت مدة الدراسة بها سنتان وكانت تخرج سنوياً ما بين 35 إلى 50 ضابطاً حتى قيام إنقلاب 1969. معمر القذافي خريج الدفعة السابعة (1963 ـ 1965).

نبذة عن نشأة الجيش الليبي

يعتبر تاريخ 9 أغسطس 1940 هو بداية تأسيس الجيش الليبي. فقد احتاج الجيش الثامن البريطاني الذى كان يحارب المحور المكون من الإيطاليين والألمان، احتاج إلى عناصر شبه عسكرية تنضم مع أرتاله المحاربة وتكون كخطوط خلفيه يستعين بها الجيش المحارب لنقل الأرزاق والإتصال بالمدنيين وتأمين قواعد الإمداد والتموين بجانب اختيار بعض العناصر التى لها كفاءة لتدريبها ولتكون من ضمن جنود الحلفاء الذين قد انضموا إلى الجيش الثامن وليساهموا في تحرير وطنهم من الاحتلال الإيطالي.


الأمير إدريس محاطاً بمجموعة من المجاهدين وخلفه يقف العقيد بروملو
القاهرة أغسطس 1940

اتفقت القيادة البريطانية وممثلها العقيد بروملو مع الأمير محمد إدريس السنوسي على الإستعانه بعناصر من المهاجرين الليبيين المقيمين على الأراضي المصرية وفيما بعد بالأسرى الموجودين بالتل الكبير والذين أسرهم الجيش البريطاني في ديسمبر 1940 في سيدى براني لتكون نواة لجيش ليبي. تم تنظيم العناصر الليبية في قوة أطلق عليها القوة العربية الليبية أو جيش التحرير السنوسي وسمي أيضا بالجيش المرابط. فتح معسكر للتدريب عند الكيلو 9 بهضبة الهرم على الطريق الرئيسي الصحراوى القاهرة الإسكندرية، وما زال النصب التذكارى لتأسيس هذا الجيش مقام حتى الآن.


النصب التذكاري للجيش السنوسي -  القاهرة

من ضمن الرجال الذين قاموا بتدريب أو المعاونة في تشكيل هذا الجيش: حسين الفقيه عبدالملك، أحمد الشتيوي السويحلي (الشقيق الأوسط للمجاهدين رمضان وسعدون الشتيوي السويحلي)، على أبوهادى، عبدالحميد العبار، عمر فائق شنيب، نورى الصديق بن إسماعيل، السنوسي شمس الدين السنوسي، إدريس العيساوي، محمود بوقويطين، حمد بوخيرالله، إدريس عبدالله، جبريل صالح خليفه، مصطفي القويري، سليم عبدربه، سعد شماطه، فرج صالحين، عبدالكافي السمين وابنه محمد، صالح مطير، محمد عبدالمولي، صالح لطيوش وابن أخيه السنوسي سعيد لطيوش، عبدالجليل سيف النصر، إبراهيم أحمد الشريف السنوسي ومفتاح بوشاح، وكان لجميعم وغيرهم من المجاهدين شرف المساهمة فيما بعد في تأسيس دولة الدستور والقانون.


حسين عبدالملك أحمد السويحلي إبراهيم السنوسي محمود بوقويطين

بدأ الجيش بالتدريب ثم انضم مع الحلفاء في معارك حلفا والعلمين ثم في الإندفاع وراء فلول الإيطاليين والألمان المنسحبه حتى دخلوا برقة، واستمر في اندفاعه حتى حررت طرابلس في يناير 1943. وتكون من هؤلاء الجنود والضباط نواة لقوة دفاع برقة والقوة المتحركة المركزية بطرابلس ونواة الجيش الليبي الجديد. في سنة 1951 أرسلت مجموعة من ضباط جيش التحرير السنوسي إلى بريطانيا لدورة إنعاش ولاكتساب اللغة. وعندما نالت ليبيا استقلالها في 24 ديسمبر 1951 بدأت الحكومة الليبية في تأسيس الجيش وإرسال البعثات العسكرية للخارج وأنشأت مدرسة عسكرية سنة 1953 في مدينة الزاوية لتخريج دفعات سريعة من الضباط لحين عودة المبعوثين من الخارج.


راية الجيش السنوسي راية الاستقلال والوحدة الوطنية

في البداية أسندت قيادة الجيش لضابط إنجليزي ثم إلى العميد عمران الجاضرة وهو ضابط في الجيش التركي من أصول ليبية. في سنة 1954 اختارت الحكومة الليبية المملكة العراقية لتدريب الجيش حيث انتدب إليها أفضل العناصر. ترأس أول بعثة عسكرية عراقية العقيد الركن داود سليمان الجنابي والذى عين رئيساً للأركان بدلاً من العقيد عمران الجاضرة. توقف انتداب الضباط العراقيين بعدما قامت ثورة العراق سنة 1958، وكانوا جميعاً ذو كفاءة ومقدره وخلفوا وراءهم جيشاً مثالياً أطاح إنقلاب سبتمبر بعناصره وأخرجهم وهم مازالوا في قمة عطائهم.


العميد الجاضرة (1952)

في بداية 1955 تكون جيش ليبي ولكن صغير الحجم ولا يزيد عدد أفراده عن ألفي جندي وضابط، ثم افتتحت الكلية العسكرية الملكية ببنغازي سنة 1957. كان الإلتحاق بالجيش تطوعياً (5) سنوات وأقصاها (7) سنوات. وفي عام 1967 بدأت ليبيا تأخذ بنظام التجنيد الإلزامي حسب سنوات الميلاد بداية من 18 سنة يتم فيها الإلتحاق إجبارياً لكل شاب ليخدم في الجيش لمدة 18 شهراً، إلا أن هذا النظام الذى انتدب لإدارته العقيد صالح العزابي لم يطبق بفعل قيام إنقلاب سبتمبر 1969. ورغم قلة الموارد أنشأت عدة مدارس للتعليم والإمداد الإسنادى (مخابرة، نقليات، مشاة، مدفعية، هندسة ميدان، هندسة آلية ودروع) ثم تشكل السلاح البحري في نوفمبر 1962 بقيادة رجل كبير الهمة عالي الوطنية سليم الرؤيا هو منصور بدر يعاونه فهيم توفيق الجربي. في أغسطس 1963 تشكل السلاح الجوي وقام بجهد كبير فيه الهادى الحسومي وصلاح الدين الهنشيري وعناصر أخرى من الضباط الممتازين، وفي سنة 1968 أنشئت وحدة للدفاع الجوي. وهكذا استمر الجيش في عمله - والذى وصل عدده إلى حوالي 650 ضابطاً ونحو عشرة آلاف جندي ـ حتى 1 سبتمبر 1969 عندما داهمه الإنقلاب.


الرائد الهادى الحسومي العميد مصطفى القويري
(1963)

17- نستغرب لما قاله رئيس وزراء ليبيا الأسبق مصطفى بن حليم، وهو السياسي المحنك، في كتابه "ليبيا انبعاث أمة.. وسقوط دولة" (ألمانيا 2003) بأن المخابرات الغربية لم تكن على علم بحركة طغمة القذافي كما يسميها، مع أن كتابه ملئ بالأدلة التى تؤكد وجود اتصالات واسعة بين رجال السفارة الأمريكية وعملائهم بالمدنيين والعسكريين الليبيين (الملحق رقم 8 ص508 ـ 513). ليس هذا فقط بل إن مخططي إنقلاب سبتمبر من الأمريكان أرادوا أيضاً "بسط نفوذ أمريكا على التعليم الإعدادي والثانوي!" (ص510 ـ 512).

ونستغرب أيضاً لما قاله مصطفى بن حليم بأنه اتصل بثمانية من كبار المسئولين الأمريكان والإنجليز الذين نفوا جميعاً أن تكون لدولهم أية علاقة بانقلاب سبتمبر 1969. ونتساءل في مصلحة من تصب تصريحات بن حليم هذه؟ مع علمه بأن من ثوابت الدول الكبرى عدم الإفصاح عن أي دور لها في تغيير الأنظمة. على العموم إننا نجزم بأن تصريحات المسؤولين الغربيين والأمريكان لبن حليم ـ إذا صحت ـ إنما هى جزء من الخديعة، فقد تعلم الأمريكان درساً مهماً بعد فشل إنقلابهم في سوريا بقيادة حسني الزعيم في 30 مارس 1949، والذى لم يدم سوى أربعة أشهر ونصفا، عندما قام العميد سامي الحناوي بانقلابه وأعدم حسني الزعيم ودفنه في المقبرة الفرنسية.


حسني الزعيم

ومن الأمور المحيرة في ما كتبه مصطفى بن حليم دفاع السفيرين ديفيد نيوسم وجوزيف بالمر عن القذافي ونظامه أثناء اجتماعهما بالرئيس ريتشارد نيكسون (رئيس أمريكا من 1969 إلى 1974) في البيت الأبيض وبحضور ريتشارد هيلمز مدير وكالة الإستخبارات المركزية. "... يقول هيلمز إنه عند ولوجه المكتب البيضاوي وجد أن ديفيد نيوسم (وكيل الخارجية المساعد وسفير أمريكا السابق لدى ليبيا) وجوزيف بالمر (السفير الأمريكي لدى ليبيا في ذلك الحين) قد استدعاهما الرئيس لحضور الاجتماع. ويقول هيلمز بمجرد أن ذكرت للرئيس أن الإنقلاب الليبي يبدو أنه يتخذ اتجاهات خطرة على المصالح الأمريكية قاطعني نيوسم وبالمر في نفس واحدة قائلين: يا سيادة الرئيس، ليبيا وقع فيها إنقلاب وأمامنا 30 سنة من التعاون والتفاهم مع النظام الليبي الجديد..." (المصدر السابق ص411).

فهل دبر السفيران إنقلاب سبتمبر دون علم الإدارة الأمريكية؟ هل أخفى الأمر عن وكالة الإستخبارات الأمريكية؟ إذن لصالح من كان مصطفى المهدوي يعمل وهو الذي كان يصرح دائماً بأنه يعمل للأمريكان وأن أمريكا تريد إحداث تغيير في ليبيا وأنها منذ أواخر 1966 ـ كما أشرنا بالتفصيل سالفاً ـ وجدت ضالتها في مجموعة الملازمين وإنها اتفقت معهم على جميع المسائل من بينها إخلاء قواعدها وإمداد الإنقلابيين بالسلاح.


الرئيس ريتشارد نيكسون مع ريتشارد هيلمز

كما لم يخبرنا بن حليم في كتابيه (الكتاب الآخر هو "صفحات مطوية من تاريخ ليبيا السياسي" بريطانيا 1992) عن سبب سفره المفاجئ إلى بنغازي ـ حيث يقطن المهدوي والقذافي ـ يوم 22 أغسطس 1969 ومغادرته لها يوم 25 أغسطس مباشرة إلى بيروت ثم إلى زيورخ.

في الختام، فمما يؤخذ على مصطفى بن حليم عدم إبلاغ السلطات الليبية، وخاصة صديقه الوفي الملك إدريس، عما كان يدبره الأمريكان والمهدوي. وهناك العديد من المسؤولين البارزين السابقين في الحكومة الليبية الذين يفسرون سكوته وغضه الطرف عما كان يحاك في السر بأنه نكاية في خصمه اللدود العقيد عبدالعزيز الشلحي ولإفشال مساعي الشلحي للسلطة.

18- يحى عمر سعيد من سكان مدينة جادو بالجبل الغربي، بدأ حياته كضابط شرطة (البوليس الاتحادي) ثم اشتغل بالأعمال الحرة. بعد خروجه من ليبيا في 1 سبتمبر 1969 عمل كمستشار للسلطان قابوس حاكم عُمان فى الفترة من 1970 الى 1981. عند إقامته في أمريكا كان يتردد على أصدقائه القدامي في وكالة الإستخبارات المركزية خاصة العقيد جيمس كرتشفيلد (مدير سابق لإدارة الشرق الأوسط بالسي آي إيه) والجنرال جوزيف كابوتشي. كان أحد حراسه في فترة من الفترات عميلاً سابقاً فى الوكالة يدعى فيلكس رودريجز، أحد اللاعبين الرئيسيين في عملية "الكونترا" التى قادها العقيد أوليفر نورث في عهد الرئيس رونالد ريجان (رئيس أمريكا من 1981 إلى1989). العقيد جيمس كرتشفيلد

ومن الملفت للنظر اهتمام يحي عمر بالمعارضة الليبية. فهل كان يعمل لحساب طرف آخر أم هى صحوة ضمير وتكفير عن خطايا في حق شعبه وبلده؟ فخلال الثمانينات كان على اتصال بشخصيات ليبية معارضة ـ وكانت هذه الإتصالات تمر عبر صديقه الذى أخرجه من ليبيا يوم الإنقلاب الرائد عبدالمنعم الهونى عضو مجلس قيادة الإنقلاب السابق ثم رئيس الهيئة الليبية للخلاص الوطني ثم أخيراً مندوب ليبيا الدائم لدى جامعة الدول العربية ـ وتوجت تلك الإتصالات بعقد اجتماع ضم 18 شخصية ليبية من مختلف فصائل المعارضة في مزرعة يحى عمر بالقاهرة في 25 نوفمبر 1986.

في يوليو 1987 وزعت قيادة الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا على أعضائها مذكرة من 45 صفحة جاء على صفحة 12 منها ما يلي:

- قيام عنصر من العناصر البارزة والهامة، وهي التي إستضافت "لقاء المزرعة" بإبلاغ مخابرات القذافي عن بعض تحركات الجبهة السرية (صيف 86) وذلك بمعرفة وبشهادة أحد العناصر البارزة الأخرى التي حضرت ذلك اللقاء.
- وجود علاقة لأحد أهم عناصر " لقاء المزرعة" والداعين إليه مع المخابرات الإسرائيلية، وسعيه لترتيب لقاء بينها وبين شخصيات ليبية.

وقد أكدت عدة مصادر أن المقصود في الفقرة الأولي هو يحي عمر، كما خرجت دعوات "لقاء المزرعة" باسم الرائد عبدالمنعم الهوني. توفي يحي عمر بسويسرا في 3 نوفمبر 2003 تاركاً وراءه ثروة قدرت سنة 1990 بنحو مليار دولار.

19- عندما قبض على المقدم موسى أحمد أوفد القذافي الضابط المهذب الرائد عبدالمنعم الهوني إلى المعتقل لمقابلة رئيس وأعضاء المحكمة العسكرية في العهد الملكي ليبحث عن قضايا قديمة لموسى أحمد مع أن هذه القضايا نظر فيها، فقد كانت النية مبيتة لتصفيته نهائياً. طلبوا ملف قضية بالذات كانت وقائعها حدثت في سبها سنة 1968 عندما كان موسى أحمد معاون آمر كتيبة المشاة السادسة هناك وقد وقع نزاع بينه وبين آمر الكتيبة عبدالله حلوم (خريج مدرسة الزاوية) وضابط صغير اسمه الطمزيني.

ومن وقائع هذه القضية (55/ 68) صرح الملازم الطمزيني أن موسى أحمد يستغل مركزه في أخذ اسمنت للشركة التى تبنى مطار سبها وهى شركة بلغارية وكان وكيلها الهادى حموده. وبعد بحث القضية من قبل المحكمة رفضت المحكمة قبول الدعوى لأنها كيدية وأن الأسمنت - عبارة عن عشرين شكارة - هو اسمنت ملقى بعد انتهاء الشركة البلغارية من أعمالها أخذه موسى أحمد وبطلب من المقاول الهادى حموده ليرمم به منزله المؤجر على حساب الجيش وبعض الأماكن في الحامية. برئ موسى أحمد ورد اعتباره وعوقب الملازم الطمزيني، وخاب أمل القذافي فلم يجد ما يدين به موسى أحمد.

20- ومن الممارسات اللاإنسانية خلال عهد الإنقلاب أقدمت السلطات الليبية في أوائل يوليو 1978 بأمر القذافي على إزالة مسجد وضريح سيدى حموده بميدان الشهداء بطرابلس وتم هدمه ليلاً بالمتفجرات. وأتبعت ذلك بنبش قبر شيخ الشهداء عمر المختار ونقل رفاته، رغم اعتراض ابنه محمد، ودفنها في مدينة سلوق النائية الصغيرة في 16 سبتمبر 1980، وفي سنة 2000 تم هدم الضريح بالكامل. ورأينا بعد ذلك كيف أصبح ضريح محمد أبومنيار القذافي والد معمر القذافي بمقبرة الهاني بطرابلس مزاراً ـ حسب المراسم الرسمية للدولة ـ للوفود الرسمية القادمة إلى ليبيا.


ضريح شيخ الشهداء كما كان غياب قبر الشهيد عن بنغازي إلى متى؟ عمر المختار (1862-1931)




جثمان شيخ الشهداء عمر المختار ساعة نقله من مقبرة سيدى عبيد إلى ضريحه الجديد بوسط بنغازي يوم 7 أغسطس 1960. وقد شارك فى تشييعه من تبقى من رفاقه على رأسهم الشيخ عبدالحميد العبار (الثاني من اليمين) ويظهر في أقصى اليمين أحمد المختار ابن أخ الشهيد

يوم 9 نوفمبر 1984 صدرت الأوامر بهدم ضريح الإمام المجدد السيد محمد بن على السنوسي (1787 - 1859) مؤسس الحركة السنوسية الإصلاحية المباركة وجدّ مؤسس دولة ليبيا الحديثة. كلف بذلك إبن عم القذافي الضابط حسن اشكال حيث قام بنبش قبر الإمام وقبر ابنه السيد محمد الشريف بزاوية الجغبوب، كما نبشت قبور حفيدي الإمام السيدين محمد الرضا ومحمد صفي الدين، وكذلك قبر صهر الإمام عمران بن بركة الفيتوري. وفي حجرة "أمهاتنا" الملحقة بضريح السيد الإمام نبش قبر اثنتين من زوجات الإمام وعشرة من أحفاده (أولاد السيدين محمد المهدي ومحمد الشريف ابني الإمام) الذين ماتوا وهم صغار السن، ودفنت جميع الرفات في مكان مجهول، وأما جثتى الإمام وابنه السيد محمد الشريف فقد وضعتا في سيارة عسكرية ورميتا في الصحراء بالقرب من مدينة اجدابيا.


الإمام محمد بن على السنوسي ضريح الإمام السنوسي كما كان

بعد أيام قليلة عثر أحد الرعاة على جثتي السيد الإمام وابنه السيد محمد الشريف وكانتا في حالة طبيعية أي لم تتحللا فظن أنها جريمة قتل فأبلغ الشرطة التى قامت بنقل الجثتين إلي مشرحة مدينة اجدابيا حيث تم التعرف عليهما. عندما بلغ الأمر الى معمر القذافي أرسل بوجه السرعة سيارة عسكرية لنقل الجثتين الطاهرتين باتجاه مدينة طرابلس، ويشاع أنهما دفنتا بمعسكر باب العزيزية. وفي نفس الوقت وفي المقبرة الملحقة بمقام سيدي رافع الأنصاري بالبيضاء نبشت قبور السادة السنوسية وهدم قبر السيد الصديق السنوسي وكذلك قبر إبراهيم الشلحي.

حسن اشكال
بعد سنة وأسبوعين من فعلته المشينة لقى حسن اشكال مصرعه على يد ابن عمه معمر القذافي داخل معسكر باب العزيزية "وكذلك نولّى بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون."

ومن تلك الممارسات اللاإنسانية هو سجن مجموعة من الشيوخ الأفاضل كفيفي البصر وهم سعد قيطون، عبدالرحمن العدولي، علي سالم التير، عبدالسلام بوراس وأحمد شفير.

الشيخ عبدالرحمن العدولي من مواليد الزاوية سنة 1942 من أسرة متوسطة الحال. فقد بصره وهو صغير السن. وجهه والده للتعليم الديني فاجتهد حتى التحق للدراسة بمعهد أحمد باشا الديني الكائن بمنطقة الظهرة بطرابلس. بعد تخرجه عين مدرساً لمادة الدين الإسلامي بالمدارس الحكومية. كان إنساناً تقياً، دمث الأخلاق، طيب المعشر، وكان ممن ألقي القبض عليهم في ديسمبر 1981 في الحملة التى طالت المترددين على مسجد القصر بطرابلس حيث كان الشيخ الشهيد محمد البشتي يلقى مواعضه ودروسه الدينية، وبدون توجيه أي تهمه له سجن الشيخ عبدالرحمن لمدة سنة ونصف. بعد خروجه من السجن أضطر للرجوع للعمل في مجال التدريس من أجل كسب قوت عياله.

في سنة 1989 أقتيد الشيخ الفاضل مرة أخرى إلى السجن وبقي فيه إحدى عشر سنة وبدون توجيه أي تهمه محدده له، بل أثناء التحقيق معه سمع أحد المحققين يقول لزميله: "هذا الراجل مفيش شئ عليه، ليش امخلينه هنا!" في سنة 2003 تقاعد الشيخ عبدالرحمن من التدريس.

أثناء أحداث سجن بوسليم الدامية في يونيو 1996 قتل أكثر من ألف سجين بأمر من العقيد القذافي، وقد دفن القتلي في مقابر جماعية في السجن وخارجه، ونستغرب تجاهل الإعلام العربي والعالمي الحديث عن هذه المجزرة الرهيبة.

21- من المفارقات العجيبة أن يسجن الشيخ الجليل والفارس الجسور عبدالحميد العبار رفيق شيخ الشهداء عمر المختار بعد إنقلاب سبتمبر 1969. وقد نقل عنه وهو في السجن أنه قال ـ ما معناه: "لو كان سيدى عمر (يقصد عمر المختار) حي لكان معانا في هالدويرة! (أي معنا في حجرة السجن).

22- بلغنا من مصدر ثقة مقرب من الشيخ عبدالحميد العبار أن الملك إدريس كتب وصية يترك بموجبها الحكم للعقيد عبدالعزيز الشلحي، وقد حررت أربع نسخ من الوصية: واحدة إلى صديق الملك السياسي القدير محمود المنتصر، الذى إذا نجح الشلحي في السيطرة، سيكون رئيساً للوزراء. ونسخة أخرى لرئيس مجلس النواب مفتاح عريقيب وثالثة لدى الشيخ عبدالحميد العبار رئيس مجلس الشيوخ ورابعة لدى عمر الشلحي. ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن فقد تسربت المعلومات عن الوصية إلى المخططين الأمريكان الذين أمروا الإنقلابيين بضرورة الإسراع في القيام بانقلابهم مستفدين من الجو المهيأ للعقيد الشلحي.


محمود المنتصر (1964)

23- أرسلت الحكومة الليبية دفعتين من الطلبة للدراسة بالكلية الحربية المصرية. تخرجت الدفعة الأولى (دفعة السلاح التشيكي) سنة 1955 وتخرجت الدفعة الثانية سنة 1956 وكانت تضم اثنا عشر ضابطاً، والضباط الخريجون هم:

محمد بن عامر، صالح الصبيحي، المبروك بن طاهر، أحمد بن فايد، حسين الفرجاني، عبدالعزيز الشلحي، الطاهر بوقعيقيص، مفتاح الباح، محمد تومية، سعد الدين أبوشويرب، نورى زريقان، محمود بن ناجي، عبدالله سويسي، حسونه عاشور، عون رحومه شقيفة، صالح العزابي، عبدالسلام الشكشوكي، رمضان صلاح، والطاهر شنشن الذى توفي بعد تخرجه بقليل في حادث سيارة.

 

24- في سنة 1952 أرسلت أول دفعة عسكرية إلي العراق وكانت تضم خمسة طلاب، تخرج منهم أربعة وكانوا أول صنوف تتخرج من الجيش، ثلاثة مشاة وواحد مدفعية، وهم: محي الدين المسعودى (تولى إمرة صنف المدفعية)، على شلابي (انضم للشرطة فيما بعد)، جمعة بوحلقة (تولى إمرة الكلية العسكرية)، ومصطفي القريتلي. أما زميلهم محمد الغوج فقد توفى غرقاً في نهر دجلة قبل تخرجه.


العقيد جمعة بوحلقة (1967)

بعد الهزيمة التى لحقت بالجيوش العربية في يونيو 1967 استشاط الضباط غضباً وقد حدثت حوادث فردية منها هروب مجموعة من الجنود يقودهم النقيب سليم الحجاجي بمدرعاتهم إلى مصر عبر الحدود الشرقية في أغسطس 1967 وكذلك هروب طياريّن إلى الحدود الغربية إلى الجزائر. وخرج بعض الضباط من زمام الإنضباط فشارك بعضهم في حرق متاجر وممتلكات تخص اليهود. إلا أن ما فعله المقدم مصطفى القريتلي أمر مؤسف لا مبرر له حيث قام بقتل ـ وبطريقة بشعة مع اثنين من الضباط ـ حوالى ثلاث عشرة امرأة يهودية وطفل وشاب في مصيف الجيش بطرابلس ورمى بالجثت في أرض بجوار مصنع الجبس بطريق السواني. لقد كانت غلطة كبيرة وخطأ فادح في حق أبرياء.

في سنوات 54، 55، 56 و1957 أرسلت أربع بعثات إلي العراق. كانت مدة الدراسة بالكلية العسكرية العراقية ثلاث سنوات، باستثناء الدفعة 36، يعقبها تدريب بعد التخرج. ذكرنا أسماء منتسبي الدفعة 33 (1954ـ1957) في مقالة عن السيد أحمد الزبير السنوسي والتى كانت أكبر الدفعات التى أرسلت للخارج وفيما يلي أسماء منتسبي بقية الدفعات:

الدفعة 34 (1955 ـ 1958)
عمر شنشن ويوسف فلفل (نقليات)، مختار اندير (هندسة آلية)، محمد على أحمد الضراط (دروع)، مصطفى أبوزعكوك (مدفعية).

الدفعة 35 (1956 - 1959)
نصرالدين هامان، إبراهيم راشد وعبدالهادى البكوش (مدفعية)، يوسف التومي الشيباني وعبدالحفيظ الميار (دروع)، سالم الشريف، على العوكلي، إسماعيل الصديق، الطاهر الشاوش ومكى أبوزيد (مشاة)


الملازمان عبدالحفيظ الميار ويوسف الشيباني (1959)

الدفعة 36 (1957 - 1959)
كان منتسبي هذه الدفعة أغلبهم يحملون الشهادة الإعدادية وكان من المفترض أن يتخرجوا نواب ضباط ثم بعد ثلاث سنوات يتحصلوا على رتبة ضابط، إلا أنهم بعد تخرجهم منحوا رتبة ضابط مما سبب تذمراً داخل الجيش، كما أنهم لم يتدربوا على السلاح بصورة فعليه ولكن للدفاع عن النفس وعلى شئون التموين والتخزين والمالية والإمداد أي ملحقات الجيش وقد كانت أخر الدفعات للعراق والخريجون هم:

الصادق ناصوف، على بحرون، نورى العرادى، مصطفى نورى، مختار الدعوكي، محمد الجهمي، صالح عبدالحفيظ، عبدالحميد مدورد، جمعه العروش ومفتاح دخيل.

بالإضافة لدفعات مصر والعراق، وقبل افتتاح الكلية العسكرية الملكية ببنغازي سنة 1957، أرسلت مجموعة من الطلبة للتدريب في تركيا وهم: أبوبكر الزقلعي (مدفعية)، فتح الله عزالدين (دروع)، محمد هامان (هندسة طيران) الهادى الحسومي (طيران) ومنصور بدر (بحرية).

25- العقيد الركن صالح السنوسي خريج الدفعة 33 العراق سنة 1957. تحصل على درجة أركان حرب من بريطانيا. كان يتميز بالجدية واطلاعه المستمر. قبل إنقلاب سبتمبر كان يشغل منصب آمر كتيبة المشاة الخامسة في درنة. بعد الإنقلاب سجن لعدة أيام، أبعد بعدها سفيراً إلى الكونغو، ثم سفيراً إلى الأردن ثم العراق. استدعى إلي ليبيا سنة 1981 ـ رغم نصيحة أصدقائه العراقيين له بعدم العودة لأن القذافي لن يغفر له فعلته ـ حيث سجن وبدون محاكمة لمدة سبع سنوات لأنه قام بحرق صور تسئ إلى رئيس دولة عربية وهو الرئيس الراحل أنور السادات في مدخنة السفارة الليبية ببغداد كان القذافي قد أرسلها مع أحد زبانيته. وقام العقيد صالح بطرد مبعوث القذافي وطلب منه العودة فوراً من حيث أتى ولم يسمح له بالبقاء ليلة واحدة في بغداد. بعد خروجه من السجن لجأ العقيد صالح إلى مصر حيث بقى فيها إلى أن وافته المنية في يوليو 1996.

26- كرد فعل لهزيمة الجيوش العربية في حرب يونيو 1967 هرب الطيار فتحي بن طاهر بطائرة T-33 يقودها زميله النقيب طيار مفتاح أحمد الشارف الفرجاني إلى مطار حاسي مسعود بالجزائر. وبدلاً من الترحيب بهما وتكريمهما قامت حكومة الرئيس هوارى بومدين بتسليمهما إلى السلطات الليبية وقد حكمت عليهما محكمة عسكرية خاصة سنة 1968 بالسجن لمدة ست سنوات وإخراج من الجيش.

كان ممثل الادعاء في القضية المستشار القانوني لرئاسة الأركان مصطفى الشيباني. وكانت هيئة المحكمة العسكرية الدائمة بطرابلس ـ التى كانت تضم كوكبة من الضباط الممتازين منهم طارق السراج، عمر شنشن، عبدالهادى البكوش، نورى العرادى ومصطفى نورى ـ رفضت محاكمة أى شخص حاول طواعية الذهاب لساحة القتال. في سنة 1970 أدين النقيب مفتاح الشارف بالضلوع في المحاولة الإنقلابية التى قادها المقدم آدم الحواز وسجن لمدة ثمانية عشر سنة.



طائرة (لوكهيد) T-33


27- كان صالح مسعود بويصير من أشد المتحمسين والمؤيدين لإنقلاب سبتمبر، إلا أنه مع مرور الوقت بات على علم ببعض خفايا وأسرار الإنقلاب، مما جعله يصرح لأحد أصدقائه زاره في بيته في أوائل فبراير 1973 أنه قرر الذهاب إلى القاهرة ـ حيث كان يشغل منصب عضو مجلس الأمة الإتحادى ـ ولن يعود إلى ليبيا لأنه خدع في القذافي. في يوم الأربعاء 21 فبراير 1973 أسقط الطيران الحربي الإسرائيلي فوق سيناء طائرة البوينج الليبية التى كان على متنها صالح بويصير الذي كان قد أخذ معه في الطائرة مبلغاً كبيراً من المال قدر بنحو نصف ثروته في ليبيا.


صالح بويصير (1970)

ـــــــــــ
المراجع
ـ مصطفى كمال المهدوي: البيان بالقرآن، الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان، مصراته 1990

ـ مجموعة من الصور التاريخية القيمة من موقع ليبيا الباكور وموقع ناصر


Livingstone, N. The Cult of Counterterrorism. 1990

CounterSpy 1982-01 p 36
Epstein, E. Dossier: The Secret History of Armand Hammer. 1996
McCartney, L. Friends in High Places. 1988
Covert Action Information Bulletin 1988, No.30 p 71
Copeland, M. The Game of Nations. 1969
Dorril, Stephen. MI6. New York: The Free Press. 2000

ملحق 1
نشرت مجلة "المؤتمر" الشهرية الصادرة عن المركز العالمي لدراسات وأبحاث الكتاب الأخضر في طرابلس مقالة للدكتور عبدالحميد الجياش من كلية القانون بدرنة رد فيها على مقابلة أجرتها المجلة مع المستشار مصطفي كمال المهدوي، كما تطرقت المقالة إلى كتاب المهدوي "البيان بالقرآن".

د. عبدالحميد الجياش: هل إلى مرد من سبيل ؟! ...

د عبدالحميد الجياش

فتنة كتاب البيان بالقرآن صفحة طُويت، وذهب الحمار بأمَّ عمر فلا رجعت ولا رجع الحمار.

وكم كنت أود ألاَّ تنجرّ مجلة رائدة في الفكر كمجلة المؤتمر إلى فتح الباب من جديد لأفكار مكابر أوشك أن يكون أمة وحده بتشريع مبتدع يحصر العالم في مداره ويجمعه على أفكاره، وقد نسي أنه من أمة إلا يكن بها لا يكون بغيرها وإلا تكن به تكن بغيره.

إن حقيقة الرجل التي تريد أن تستنطقها الأخت مندوبة المجلة كانت قد نطقت فأزكمت الأنوف برائحتها النتنة؟ وهذه الحقيقة من حيث هي نبعت من مورد التقى فيه مع آخرين كان ورودهم عن خسارة وصدورهم عن فشل..

وإذا كانت الحجة كما ذكرت الأخت زينب هي فتح قناة للرجل يُعبَّر من خلالها عن نفسه، فإن الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع كانت فتحت للرجل أبواباً، فولجها ولكن بطريقة أساء بها التعبير عن نفسه فتعرّى، وليس ذلك وحسب بل لاحت له فرص أخرى على صفحات مجلة "لا" وبأقلام أدباء كبار، دافعوا عن حريّة الفكر، فتعصبوا لصاحب الكتاب وامتدحوه، ولما افتقدوا الحجة آثروا الحديث عن شخص صاحب الكتاب!.. فهو العالم والمستشار والحافظ للقرآن، وطعنوا في منتقديه بأنهم جماعة من أئمة المساجد وأنصاف المثقفين؟

لقد قرأت هذا الكتاب يوم أن كان مطبوعاً على الآلة الكاتبة، ونصحت بعدم تداول هذه الأوراق بله طبعها، وقيل لي ساعتئذ بأنه لا رغبة لصاحبها في طبعها أو تداولها.. إلا أنه بعد مرور ما يقرب من عشر سنوات، سُلم إلي الكتاب مطبوعاً في مجلدين.. فما كان مني إلا أن أعددت رداً سريعاً وموجزاً طالبت من خلاله بسحب الكتاب ومنعه من التداول، وذكرت في هذا التقرير المستعجل نماذج أقل ما توصف به أنها من ألوان الزندقة.. وعلى الرغم من أن هذا التقرير معنون إلى الناشر وهو الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان فإنه انتشر بسرعة البرق وعمُم على مختلف الجهات ذات العلاقة.

وحال كون الكتاب قد أثار ضجة في مختلف الأوساط لأنه استهدف إفساد العقيدة، والمساس بأركانها، وابتدع بدعاً في الأحكام التعبدية التي لامجال للعقل فيها، وتنكر لأصل من أصول التشريع الإسلامي فتطاول على السنة النبوية، فقد أُقيمت دعوى حسبة أمام محكمة بنغازي الابتدائية، وصدر الحكم بمصادرة المُصنف المسمى البيان بالقرآن بجزءيه الأول والثاني لمؤلفه مصطفى كمال المهدوي ومنع إعادة طبعه ونشره وتداوله.

وقد جاء هذا الحكم استجابة لاقتراح لجنة الخبراء المنتدبة من قبل محكمة بنغازي الابتدائية لدراسة كتاب البيان بالقرآن والمشكلة من كل من:

1. الأستاذ الطيب عبدالوهاب النعاس من علماء الأزهر الشريف.
2. الدكتور إبراهيم عبدالله ارفيدة من علماء الأزهر الشريف والأستاذ بكلية اللغات جامعة الفاتح وبكلية الدعوة الإسلامية.
3. الدكتور الصادق عبدالرحمن الغرياني من علماء الأزهر الشريف والأستاذ بكلية التربية جامعة الفاتح.

فلقد اختتمت هذه اللجنة تقريرها بالآتي:

مصادرة الكتاب ومنع إعادة طبعه ونشره وتداوله والاطلاع عليه، لأنه تحريف لكتاب الله العزيز، وإنكار لحق الرسول صلى الله عليه وسلم في البيان والتشريع، ووجوب الطاعة والاتباع.. وانحراف عن الإسلام الصحيح، وهدم لأركانه وتاريخه، وتطاول على تراثه وعلمائه، واستخفاف بحضارته وتاريخه، وإساءة للمسلمين جميعاً.

إن تشكيل هذه اللجنة يدلّ على عدم مصداقية الرجل في حواره مع مجلة المؤتمر حين حصر الطعن على كتابه في طبقة الوعاظ بمدينة بنغازي في حين أن اللجنة التي أدّى تقريرها إلى مصادرة الكتاب كلها من منطقة طرابلس.. علماء في الدين ورُوّاد في الفكر وأساتذة في اللغة.

وصفوا كتاب البيان بالقرآن، بأنه لا يحمل علماً، ولا يحمل منهجاً ولا رسالة، وإنما يقوم على سفسطة ومجموعة من المغالطات بالتلاعب بكتاب الله تعالى، واستعمال آياته استعمالا خاطئاً مضللاً حسب مزاجه وهواه.

وحقيقة هذا الكتاب في رأي اللجنة أنه معول هدم حاول به صاحبه نقض عرى الإسلام وأركانه وذلك بإنكار وتكذيب عدد كبير من المُسلمات البديهية في دين الله تعالى.. فمن ينكر عدد الصلوات في اليوم والليلة ويسميها بغير أسمائها مثلا، أو ينكر عدد ركعاتها ويخالف فيها هو في المكابرة وتكذيب الواقع وعمى البصيرة كمن ينكر وجود الهند أو الباكستان بحجة أنه لم يرهما بنفسه.

إن المحصلة في الواقع تتلخص في:

أن فكرة كتاب البيان بالقرآن تقوم أساساً على إنكار السّنة النبوية وتكذيبها وتحديها والاستخفاف بها وعدم وجوب اتباعها.. وهدف المؤلف من تأليف هذا الكتاب ليس هو مناصرة القرآن والغيرة عليه وإنما هدم السنة وإبطالها.. فالمؤلف يسمى السنة النبوية بالأساطير، ويسمي كتب السنة النبوية بأسفار الأساطير ص 198 ويقول عن رواته إنهم جاءوا بالأساطير ص 652.. لقد أتى بجرة قلم على ما خطته يد القرون، واعتدى على الحق بشهوة الجدل محدثاً محنة وفتنة بفلسفة كمضغ الماء. فراغم الحقيقة، وغالط التاريخ، ودلس على الناس، لقد اجترأ على التشريع الإسلامي بالمسخ والتكلف، وقال فيه بالرأي الأحمق، وأدارة على الوهم البعيد.. ومن أمثلة ذلك قوله:

• إنه ليس من حق النبي أن يسن سنة في دين الله غير القرآن وليس لأحد أن يتبعه إلا في ما أوحي إليه من ربه ص 808.
• وإن الصلاة ركعتان فقط وإن الصلاة لا تقصر في السفر، بل في الخوف فقط، وإذا قصرت تكون ركعة واحدة. وعنده أن قول آمين بعد قراءة الفاتحة لا أصل له إلا عند اليهود والنصارى.. والمرض عنده من نواقض الوضوء وكذلك السفر.
• وإنه ليس في دينه ما يسميه المسلمون صلاة الجنازة على الهيئة المعروفة ، وانه ليس في الإسلام صلوات أخرى غير الصلوات المفروضة، فليس هناك صلاة عيد ولا استسقاء ولا كسوف ولاجنازة ولا يوجد في دين الرجل عيد.. لاعيد فطر ولا عيد أضحى؟!!
• وإن الاحتلام لا يوجب الغسل، وخروج الريح والضراط لا ينقض الوضوء والمرأة يجب عليها أن تصلي وأن تصوم وهي حائض، والمريض لا يجوز له التيمم، وعابر السبيل له أن يصلي بالجنابة، وتكفين الموتى وتغسيلهم ليس له سند في الإسلام، والختان ليس من سنة الإسلام.
• وإن الكبد والطحال ليسا بدم تكذيباً لرسول الله الذي قال: أحل لنا دمان - الكبد والطحال.. وتكذيباً أيضاً لأهل الذكر من المتخصصين في الطب الذين أثبتوا أن الكبد هي مصنع الدم وأن الطحال هو ذلك العضو الذي يتكسر فيه الدم الفاسد في جسم الكائن الحي.
• وإن الحج يجوز في المحرّم وشوال، ولا يشترط أن يقف الحاج بعرفة يوم التاسع من ذي الحجة، ويعتبر وقوف الرسول في ذلك اليوم محض صدفة!.. وليس للطواف وقت محدد، ولاعدد معين ولاهيئة خاصة من اليمين أو من الشمال ولاترتيب في ذلك.
• وإن المحرم للحج له أن يحلق شعره أثناء إحرامه، ولا يتجرد من ثيابه، وإذا خالف وبقي أشعت لم يحلق بسبب مرض أو غيره فتجب عليه الفدية.. ورمي الجمار بمنى يعتبره المؤلف نُصبا ما أنزل الله به من سلطان.
• وإن الخلوة بالنساء الأجنبيات سراً مباحة، وللرجل أن يتزوج ما يشاء من النساء مادام يؤوي النساء إليه ولا عائل لهن، وعلى الرجل أن يعتزل المرأة في الحيض اعتزالا كاملاً، لا يكلمها ولا يأخذ منها ولا يعطيها، والطلاق لا يقع بمجرد التلفظ به بل انقضاء العدة، والحق في الإرضاع والحضانة للأب لا للأم، والطلاق مرة واحدة فإذا طلق الزوج مرة ثانية فلا تحل له المطلقة حتى تنكح زوجاً غيره.. وولد الزنا ينسب لأبيه وتثبت له كل الحقوق، وتعدد الزوجات لا يجوز إلا إذا كانت الزوجة أماً ليتيم.. وينكر أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم تزوج السيدة عائشة؟
• وإن السبع المثاني في قوله تعالى (ولقد آتيناك سبعا من المثاني) هي العينان والأذنان واليدان والرئتان والكليتان واللوزتان والرجلان!!.. وذلك رداً لقول الرسول كما في البخاري بأنها الفاتحة.. ولك أن تسأل من أين جاء بهذا التفسير؟ وما الدليل عليه؟ وما الميزة للرسول صلى الله عليه وسلم في إتيانه ما ذكر؟

هذه بعض أباطيل الرجل التي نشر بخلطها سوء النبأ، فخرج عن القواعد المقررة في الفهم والاستنباط وعن الأصول المعتبرة في الفقه الإسلامي، فاستوجبت المصادرة، لأن حرية الفكر تنبثق من نضوج العقل واستقامة التفكير ويجب ألا تتخذ ذريعة لكل شاطح ناطح يقلب الأمور ولا يستقيم له حال.

إن مجرد العلم لا يعني الهداية ( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم). فقد يكون مع العلم الضلال وسوء التقدير، بل يكون العلم سبيلا إلى الغرور والفساد ( قال إنما أوتيته على علم عندي).

إنّه لو جاز لهبّة الريح أن تزعزع الجبل، أو لحبة الرمل أن تكدر البحر لجاز لصاحب كتاب البيان بالقرآن أن يحدث تغييراً، أو أن يقطع الماضي من حساب الزمن، أو أن يهدم أصلا مقرراً في شريعة الله، وما أحوجه إلى أن يراجع نفسه فيندم ويتوب، وإلا صدق فيه قول الحق تبارك وتعالى ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا) ، فأين أنت يا مصطفى من سبيل استقام عليه المؤمنون أربعة عشر قرناً؟! ألا ترى أنك في ضلالة؟ وإن كل ضلالة بدعة وكل بدعة صاحبها في النار.

بقي لي أن أقول : إن كتاب البيان بالقرآن لا يضيف علماً، وكل ما تفيده ضلالات وأباطيل الكتاب أنها تبعث على اتهام الكاتب في عقيدته، وهو اتهام يتسع مداه ليأتي على كل موقف داعم للكتاب ونهجه المستهتر.. وحاش لمجلة المؤتمر المعبرة عن فكرنا الرائد أن تدور في فلك الزنادقة والمستهترين.

وبعد...
فيا مصطفى - لا أقول لك هل إلى حوار من سبيل؟.. فأنا لست سعيداً بحوار يخرج عن القواعد المقررة في الفهم والاستنباط، وعن الأصول المعتبرة في التشريع الإسلامي.. ولا أقول لك أطفئ مصباح عقلك، واعتقد وأنت أعمى.. فالتقليد الأعمى شر يرسخ الجمود على الأباطيل الموروثة.

ولكن أقول لك - هداك الله - هل إلى مرد من سبيل..؟

عـن مجـلــة المـؤتـمر
العـدد 36 ديسمبر 2005
ـــــــــــ

ملحق 2
عبدالسلام عمران: المستشار مصطفى كمال المهدوي... في الشبكة*
اهـتـمام فـوق العـادة بصاحـب كتاب "البـيان بالـقرآن"
لاحظت في الآونة الأخيرة اهتماما غير عادي بالشخصية المثيرة للجدل المستشار مصطفى كمال المهدوي. ويبدو لي أن هذا جاء نتيجة ما نشر على موقعكم من معلومات لم تكن معروفة لكثير من الليبيين ولإعادة نشر كتابه بعنوان "البيان بالقرآن" في حلقات على صفحات أحد مواقع الإنترنت الليبية. وقد رأيت تعميماً للفائدة أن أجمع ما وقعت عليه يدي مما نشر مؤخراً لعله يعين الدارسين والباحثين دون أضافة أو حذف أو تعليق من عندي.

* موقع شبكة بلدي: القرآنيون في سطور: منكري السنة

... وكما كانت للشبهات التي ارتكز عليها منكري السنة، نتائجاً تولدت عن هذا الفهم وذاك الاعتقاد، تولدت أيضاً نتائجاً للشبهات التي أثاروها حول كتاب الله الكريم، ثم نتائجاً تولدت عن إنكار المصدرين الشرعيين معاً، الكتاب والسنة، واعتقدوا فيها وسعوا إلى نشرها، مما أدي إلى تبديل كثير من التشريعات العقدية، كان أخطرها تلك التي تعلقت بأركان الإسلام الخمسة، كما جاء في كتاب (البيان بالقرآن) لمؤلفه (مصطفى كمال المهدوي) والذي هو بمثابة (سنة بديلة) للسنة النبوية الصحيحة.

في ليبيا.. نستطيع القول أن منكري السنة في ليبيا، لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة كمنظرين وفاهمين للدعوة المؤامرة، على رأسهم العقيد معمر القذافي، أما الأتباع وهم بالآلاف، فإنما يؤيدون فكر العقيد الممثل في الكتاب الأخضر أولاً تحت شعار رسمي (القرآن شريعة المجتمع).

ويأتي في المقام الثاني مصطفى كمال المهدوي، أحد القضاة السابقين بالمحاكم الليبية، والعضو المؤسس للمركز العالمي لدراسات الكتاب الأخضر، مؤلف الكتاب الموسوعي لمنكري السنة "البيان بالقرآن" والذي يعده منكرو السنة بمصر وليبيا، البديل الشرعي (عندهم) لكتب الفقه والصحاح (عند المسلمين).

وبرغم الحصار المفروض على الدعوة والدعاة، وبرغم المحاذير السياسية التي تكبل حركة الإسلام الصحيح، فقد تصدى عشرات الدعاة من فوق منابر المساجد لهذه الدعوة الخبيثة، ونذكر منهم شيخ الدعاة هناك القاضي السابق الشيخ على أبو زغيبة القاضي السابق بالمحاكم الليبية بارك الله في عمره، كما تصدى لمنكري السنة في ليبيا عدد من المحامين الذي جابوا البلاد العربية يجمعون الفتاوى الشرعية من علمائها، كما بادر عدد من الباحثين بإصدار المؤلفات على نفقتهم الخاصة، وعلى قلب رجل واحد، رفعوا أمر كمال المهدوي للقضاء الليبي، فأصدر قراره بمصادرة الكتاب ومنع تداوله أو إعادة طبعه.

لكن ذلك لم يوقف زيارات المهدوي لمصر كل شهر تقريباً للترويج والدعوة والتنشيط والتنسيق مع منكري السنة في مصر، خاصة بعد نجاحه مع الدكتور مصطفى محمود، الذي تبنى نشر دعاوى إنكار عذاب القبر وإقامة الحدود وشفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم.

* موقع البرهان في الأعداد والأرقام على إعجاز القرآن: إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا...

... ومع أن الإتجاه في التفريق بين القرآن والحديث ليس بجديد... يدّعي هذا الإتجاه الملحد أن القرآن هو وحده كلام الله، وله وحده الطاعة، وأما الحديث فأكثره ملفّق ومنسوب زورًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك فلا طاعة له. ومن بين المؤيّدين المعاصرين لهذا التيار هو الليبي مصطفى كمال المهدوي، الذي ألّف كتابًا بعنوان (البيان بالقرآن)، شرح فيه موقفه وموقف زعيمه من هذا الإتجاه.

* د. سامي الذيـب: ختان الذكور والإناث عند اليهود والمسيحيين والمسلمين – الجدل الديني والطبي والإجتماعي والقانوني.

التفريق بين القرآن والحديث: هذا الاتجاه يقول بأن القرآن هو وحده كلام الله وله وحده الطاعة. أما الحديث فأكثره ملفق ومنسوب زورا للنبي ولا طاعة له. ومن بين مؤيدي هذا التيار العقيد معمر القذافي ومواطنه القاضي مصطفى كمال المهدوي الذي كتب كتابا بعنوان (البيان بالقرآن) وقد تعرض هذا القاضي إلى محاكمة بالردة وحملة شرسة من قبل رجال الدين المسلمين في بلده وخارجه. وقد انتهت محاكمته بحكم متناقض اقر بتبرئته وفي نفس الوقت بمنع كتابه.

... بالإضافة إلى المشكّكين في أحاديث الختان، هناك تيّار سُنِّي يرفض الإعتماد على السُنّة في تقرير الأحكام جملة وتفصيلاً. وهذا هو الموقف الرسمي لمعمر القذافي الذي لا يقبل الإحتكام إلاّ لنص القرآن. وعلى هذا الأساس أيضاً يرفض القاضي الليبي مصطفى كمال المهدوي ختان الذكور لأن القرآن لم يذكره ولأنه لا يعتد بالسُنّة في هذا الموضوع.

* صلاح عبدالعزيز: صيد الخواطر الليبية - 4 - (ليبيا المستقبل 5 مارس 2006)

... ومن خلال مستشرقي الغرب في الهند ثم في مصر نجحت مؤسسات الاستشراق التعليمية - مثل كلية فيكتوريا في الإسكندرية و الجامعة الأمريكية في القاهرة – في تخريج بطانة تكفر بالمصدر الثاني للتشريع الإسلامي الحنيف!! وكان من بين الطلبة الليبيين الذين درسوا في مصر وأدخلوا هذه الفرية إلى ليبيا (مصطفى كمال المهدوي) والذي حاول اللف و الدوران حول فريته كي تنطلي الحيلة على المجتمع الليبي.. وقبل ذلك رفعت القيادة السياسية شعار حق أريد به باطل وهو "القرآن شريعة المجتمع". فكان أسلوب الإقصاء والإلغاء للسنة مصدراً للتشريع أولاً من بني جلدتنا.. ثم التطاول بالتجسيد عن طريق النَيْل من شخص الرسول الكريم عليه صلاة الله وسلامه من قبل أعداء الإسلام.. مستخدمين الإعلام الهابط و الرسوم الساخرة.

* فوزى عبدالحميد العرفية: ما هو مستقبل جماهيرية الخازوق؟! (www.liberalor.com )

... كانت ثقافته وأصالته (القذافي) أنه (يرفس البازين) فأستمر يرفس المواطن الليبي ويخرب حضارته ويتشفى من حضارة أبناء المدن بإحراق الكتب وشنق المثقفين وإذلالهم واغتصاب أرادتهم بالتخويف كما عمل مع المستشار الأستاذ مصطفى كمال المهدوي الذي جعله بالتخويف يؤلف له كتاب يتمشى ونزواته...

ويبدو أن العلاقة قديمة وحميمة بين العرفية والمهدوي، حسب ما جاء في رد المهدوي بتاريخ 12 فبراير 2007 (ليبيا وطننا) إذ يقول:

إلى الأستاذ فوزي عـبدالحميد
الأخ الصديق الاستاذ: فوزى عبدالحميد العرفية رفيق الدرب القضائى المشهود وحليف المعارك التى خضنا غمارها معا ضد معاقل الفساد فى العهد السابق على الثورة، الثورة التى رحبنا بها معا وأحتضنا أفكارها على سواء ثم فرقت بنا السبل الا سبيل الحق والخير لأمتنا العربية وشبابنا الطيب المتطلع الى الخير والنماء والحب والسلام والى الله وحده منزها عن زيف المذاهب وشعوذة الأساطير.

الأخ الصديق الأستاذ فوزى العرفية المحامى، أشكر لك تفضلك بالرد على ذلك الباب الذى فتحوه بمفتاح لا فرج له، ولكن أعود فأقول لك مثلما كنت أقول لك فى بداية عهدنا بالقضاء، معركتنا ضد الظلم وليست ضد الظالمين وضد الباطل وليست ضد المبطلين، لأن الله وحده يعرف الظالم من المظلوم وحسبنا الله ونعم الوكيل.
المستـشار مصطفى المهـدوى
albaian_mehdwi@yahoo.com

* الحاج الطرابلسي: أسرار لحكومة الجديـدة... من دقـنه افـتلّه حـبل.. (حبل حقاني مش حبل تشنيق!) وكل عام وإحني زايطين (أخـبار ليـبـيا 24 يناير 2007)

... المهم الكلام هادا ما زال ما خشليش راس! قلت نقرا خطاب حويجنا القايد ـ يطول عمره ان شاء الله ـ بلكي نفهم:
في الأول فرحني بحكاية التلاتة دينار للي عمره فوق التمانين.. مازاللي زوز ونوصلهم، يا فرحتي!
وبعدين خوفني لما بدي يحكي على قرآن جديد! يا واقي يا واقي.. أني ما سمعتش... لكن الكابّو متعلم مزبوط وعنده أخبار العالم... إن شاء الله اللي كتب المصحف الجديد اللي قال عليه اسمه (فرقان الحق) ما يكونش سيدي مصطفى كمال المهدوي! خاطر هادا قالوا عليه عنده علاقات قوية مع الميركيان!

* خالـد الـغول: مـن وراء إيغار صـدر العقـيد على الديـن؟ (أخبار ليبيا 8 فبراير 2007)

... وجاءت الأيام وذهبت الأيام وتبين أن العقيد لم يأت بتلك الأقوال من نتاج فكره، فقد قرانا عن شخص اسمه مصطفى كمال المهدوي وقصة قربه من العقيد، وما كتبه بيده في كتابه "البيان بالقرأن" الذي ردّه ومنع نشره القضاء الليبي بعد أن نظر فيه علماء ليبيا، وذلك لمخالفته لما أجمع عليه العلماء وما هو معلوم من الدين بالضرورة.

ولهذا أكرر أن النيهوم والمهدوي وأبودبوس وغيرهم ممن يعتقدون باعتقادهم هم وراء إيغار صدر العقيد على الدين، وهم الذين أدخلوا في عقله كثيرا من الشبهات، وهم الذين خوّفوه من الإسلاميين جميعهم، وهم الذين سيظلون الخصم اللذوذ للإسلام وللوطن في المستقبل لأنّ قضيتهم محاربة الإسلام في ثوب محاربة أفكار الإسلاميين المخالفة لأصول الدين كما يزعمون.

* موقع العربية نـت: تعليق رقم 14 حول موضوع: لو مات بن لادن...هل تنتهي "القاعدة"؟ بقلم باسكال بونيفاس 29 سبتمبر 2006

... ومصطفي كمال المهدوي، العميل الماسوني العالمي والذي يعمل لصالح الأمريكان والمخابرات الأمريكية وجهات ماسونية سرية، وهو له عضوية ماسونية علنية وعنده "كارنيل" بتع العضوية وهو اللي دبر مع الأمريكان إنقلاب 1 / 9 / 1969، لينصب عميل الأمريكان القذافي حاكم ليبيا. والمهدوي عميل دولي علي المستوي العربي، فكانت علاقاتة تصل الي اسرائيل، ويخبرك بأخر أخبار الموساد وقيادتة وهو الذي اشتغل لفترة لصالح اليهودي الأمريكي آرمند هامر "رجل أعمال بترولي".

* سليمان عوض الفيتوري المحامي: الموضوع/ بلاغ عن جريمة نشر كتاب (البيان بالقرآن) لمؤلفه: مصطفي كمال المهدوي 30 يوليو 1992. مصطفى كمال المهدوي، ودوره فـي السـياسـة الليـبـية (‏متابعة ثانـية) إعداد وتحليل حسن عبدالحميد الزاوي وحسين عبدالحميد الزاوي (أخـبار ليـبـيا 28 يناير 2006)

... وما كان في حسباني أن يصل التطاول على السنة والافتئات على الشريعة الى درجة الإبطال ‏والتقول على التراث المقدس بل الافتراء على الله وعلى رسوله الكريم. ‏كيف حصل هذا ولمصلحة من؟ ‏
هل هذا بدافع الشهرة وعدم الفهم، أم أن صاحبه عقد العزم على هدم الدين تمهيداً لدينه الجديد؟ ‏
كيف تبيح له الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع هذه الفرصة " الذهبية "؟ فبأي سحر خدعها ‏وبأي أسلوب غرها؟ هل لمنصب القضاء شأن الحكم ولعنوان الكتاب شأن القداسة؟

... إنه كسب ما كان يتوقعه غلاة المستشرقين من المبشرين، لقد نجحوا في العثور، على أفضل ‏صديق، على يديه تحققت الغاية، وبواسطته تكللت الجهود... ‏لقد اهتدوا بعد فشل ذريع الى زرع بذرة خبيثة لتنتج الشرور، كمفتاح الى الولوج، الى بقية ‏الرصيد.. زرعوها في رعاية من اصطفوه عن كتب تتوافر فيها الشروط، نشأة وقابلية ‏ومدرسة. وفوق ذلك، يعتلي مركزاً مرموقاًً على كرسي القضاء. كلمة مستشار لها مدلول. ‏وتحققت فراستهم فلقد استطاع الحصول على (القرار) لتنشر له (الدار).

... من هو مصطفي المهدوي، في مطلع الستين حل بالبلاد يحمل إجازة الحقوق ليكون ‏عضو نيابة، مجاله القانون، ليته تفرغ ويستفيد، ويأتي في مجاله بجديد. ‏ولكنه بلا فهم، وبلا أدب ارتضي لنفسه أن يكون مطية لجهة مشبوهة لتحقق أغراضها وجسراً ‏تعبره الأعداء الى أعماق بلاده لتلحق بها ما يشين، في الدنيا وفي الدين. ‏

... وبعد فما على إلا أن أهمس في أذن أمانة العدل، بأن عليها المبادرة بإقصاء (المؤلف) عن ‏جلال القضاء، فقد فقد الثقة والاعتبار، وتمهيداً ليأخذ تحقيق المختصين مجراه، فإن لها ‏صلاحية مجلس القضاء، أما الدعوي المدنية بشأن التداول، رفعت لقوله تعالى: ‏(ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر).

* حسن عبدالحميد الزاوي وحسين عبدالحميد الزاوي، رد على رسالة للمستشار مصطفى كمال المهدوي: مصطفى كمال المهدوي ودوره فـي السـياسة الليـبـية - ‏متابعة ثالثة - (أخـبار ليـبـيا 3 فبراير 2006)

... ومع ذلك، نود ـ فعلا ـ أن نعلم منك هذه المرة، وقبل الولوج في حوار حول أطروحاتك، سيرة حياتك من البداية، لأننا بصدد ‏الحديث عنها، وليس لك أن تتعلل بالخصوصية. فأنت ـ شئت أم أبيت ـ أصبحت شخصية عامة مثيرة للجدل ومحل اشتباه. وما ‏تقول به يمس عقيدة ألف وثلاثمائة مليون مسلم، ومن حقنا أن نعلم كيف ترى نفسك. ما هي علاقتك بمجموعة الضباط الوحدويين الأحرار الذي قاموا بانقلاب سبتمبر 1969 ‏ومدى تأثيرك على قائدهم الذي أدى إلى مناداته بما تنادي به أنت؟ وما حقيقة علاقتك بالأمريكان وقاعدة هويلس الجوية؟ وما تقول في ما يقوله صحب لك ورفاق، كانوا زملاء لك في كلية فيكتوريا بالاسكندرية؟ وما قصة زيارتك لإسرائيل وتلقيك العلاج في مستشفى هداسا بالقدس الغربية؟ ومن هم مفكرو الغرب الذين تأثرت بهم وتتلمذت عليهم؟

... وختاما، نشكرك على وصفنا بـ"الطيور الهاربة لأقفاصها"!! نعم.. نحن طيور هربنا إلى بلاد أقفاصها لا تقطع فيها الأصابع، ولا ينتف فيها الريش، أو ‏يشنق فيها المسلمون فيتعلق الجلادون ـ ذكورا وإناثا ـ بأجسادهم بعد شنقهم شغفا وفرحا. نحن في بلاد لا يقول الحاكم فيها "لا ‏أريكم إلا ما أرى"، وما يمنعنا من التصريح بأسمائنا إلا الخوف على عوائل وصحب تركناهم. ولكن قد يكفيك أن نذكر أننا من ‏أقارب الشهيد الشيخ البشتي الذي اغتيل بعد التعذيب لأنه دافع عن سنة الحبيب. ‏هدانا الله وهداكم، وما التوفيق إلا من عند الله.

* محمد أحمد ضو ـ عضو النيابة العامة بنيابة بنغازي الكلية: مذكرة بالرأي مقدمة من النيابة العامة في دعوى الحسبة المرفوعة من المدعيين: عبدالوهاب محمد الفقيه وأحمد حسين الضراط بخصوص نشر كتاب "البيان بالقرآن" لمؤلفه مصطفى كمال المهدوي: مصطفى كمال المهدوي ودوره فـي السـياسة الليـبـية (‏متابعة ثالثة ( إعداد وتحليل حسن عبدالحميد الزاوي وحسين عبدالحميد الزاوي (أخبار ليبيا 3 فبراير 2006)

... أنكر صاحب الكتاب سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم جملة وتفصيلاً وزعم بأن ما نقل وروي عن النبي صلى الله ‏عليه وسلم بأنه أكاذيب وأساطير.. ولذلك فإن صاحب الكتاب لا يعترف إلا بالقرآن وذكر بأن القرآن يفسر بعضه بعضاً ولا يحتاج إلى بيان سواء من ‏السنة القولية والعملية أو غيرها من آراء العلماء والمفسرين وإنما يفسره على حسب هواه.

وأراد صاحب الكتاب أن يأتي بدين جديد يحمل في طياته البدع والضلال وتعرض للأحكام التعبدية وأركان العقيدة ‏الإسلامية التي أتفق عليها علماء الأمة ولم يخالف ذلك أحد منذ عهد الرسول (ص) إلى يومنا هذا فهل يعقل أن يكون ‏هناك شك في الصلاة من حيث عدد ركعاتها وأحكامها لأن هذه الأفعال تتكرر يومياً خمس مرات منذ عهد النبي (ص) ـ ‏والسلف الصالح إلى يومنا هذا وغيرها من أركان الإسلام الأخرى.‏

ولذلك فإن المؤلف كان يعتقد بأن كتابه هذا سوف يصبح مذهباً جديداً يتبعه الناس في مشارق الأرض ومغاربها ولكن ‏لم يتحقق له ذلك ولن يتحقق حتى يلج الجمل في سم الخياط ـ ويعتبر هذا الكتاب من الكتب التي أساءت إلى الإسلام ‏والمسلمين، فيما يتعلق بعقيدتهم الراسخة والتي لن يؤثر فيها هذا الكتاب أو غيره من كتب البدع والضلالة ـ حتى يرث ‏الله الأرض ومن عليها.

ولذلك فإن الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان قد أخطأت خطيئة كبرى في نشر هذا الكتاب ومن ثم فإنها ‏تتحمل مسؤولية ذلك.‏
فلهذه الأسباب فإن النيابة العامة ترى:

أولاً ـ قبول الدعوى شكلاً بعد أن توافرت فيها جميع الشروط القانونية والشرعية.‏
ثانياً ـ بصورة مستعجلة الأمر بوقف تداول الكتاب موضوع الدعوى ومنع توزيعه وسحبه من المكتبات والتحفظ عليه إلى حين ‏الفصل في موضوع الدعوى. ‏
ثالثاً ـ وفي موضوع الدعوى الحكم بمصادرة الكتاب ومنع تداوله وسحبه من المكتبات والأمر بمنع إعادة طبعه ونشره في ‏المستقبل ـ مع إلزام المدعي عليه بالمصاريف ـ والأمر بنشر الحكم في وسائل الإعلام المختلفة.‏

* القاضي عمار الطبولي - محكمة بنغازي الابتدائية - الدائرة الكلية - 25 مايو 1993 : من هو مصطفى كمال المهدوي، وما دوره في السياسـة الليبـية (متابعة أولى) إعداد وتحليل حسن عبدالحميد الزاوي وحسين عبدالحميد الزاوي (أخبار ليبيا 20 يناير 2006)

... حكمت المحكمـة‏ ‏بمصادرة المصنف موضوع الدعوى الراهنة كتاب (البيان بالقرآن) لمؤلفـه ‏مصطفـي ‏كمال المهـدوي، بجزئيه الأول والثاني ومنع إعادة طبعه ونشره وتداوله.. ورفض ‏ما عدا ‏ذلك من طلبات، وألزمت المدعـى عليه بالمصاريف...‏

* نقلاً عن موقع أخبار ليبيا (14 فبراير 2007) بتصرف.

ــــــــــــــــــ

ملحق 3

مواطن مسلم: هل أصبحت أمريكا تدافع عن أفكار العقيد ومصطفى كمال المهدوي؟*

لماذا تدافع أمريكا عن إنكار السنة النبوية الشريفة؟

أيها الأخوة لقد كنت أتابع اهتمام موقعكم سابقاً بموضوع علاقة مصطفى كمال المهدوي بالمخابرات الأمريكية قبل ثورة الفاتح ثم علاقة الأخير مع العقيد القذافي وتوافقه معه فيما يتعلق بالتهجم على السنة النبوية وإنكارها وابتداع دين عبادات جديدة وإبطال ما هو قائم، ولقد قرأت اليوم مقالاً في موقع إسلام أون لاين يتحدث فيه عن دفاع أمريكا عن جماعة تعتنق نفس أفكار المهدوي والقذافي ولفت انتباهي اهتمام جماعات الضغط المسيحي في الولايات المتحدة بالأمر، وهذه حسب ما أرى أخبار مقلقة قد تنبئ بأكثر مما يبدو، أرفق لكم المقالة للفائدة لعل بعض قرائكم من المضطلعين بعلوم الدين يدلون بدلوهم ويفيدونا أفادهم الله وشكراً.
المقال والرابط:
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=
1182774726584&pagename=Zone-Arabic-News/NWALayout

تحت بند الحرية الدينية أمريكا تدافع عن القرآنيين (رافضي السنة النبوية) بمصر
أمريكا إن أرابيك - إسلام أون لاين.نت - إسلام أون لاين.نت
واشنطن - عبرت الولايات المتحدة الأمريكية - من خلال لجنة أمريكية معنية بمراقبة الحريات الدينية أسستها جماعات الضغط المسيحي - عن شعورها بالقلق إزاء اعتقال 5 أفراد من "القرآنيين" بمصر، معتبرة أن ذلك يعطي دلالة أخرى على تراجع الحكومة المصرية في حمايتها لحقوق الإنسان، بما في ذلك حرية الفكر والدين والاعتقاد.
وقالت "اللجنة الأمريكية الدولية للحريات الدينية" التي تأسست في أواخر التسعينيات من القرن الماضي على يد الكنائس التنصيرية الأمريكية بعد عمليات ضغط كبيرة في الكونجرس: إنها تشعر بالقلق إزاء ما اعتبرته تراجعًا في الحقوق الدينية بمصر، بعد اعتقال 5 من أفراد الجماعة المعروفة باسم القرآنيين في مصر أواخر مايو الماضي. وتعتبر تلك الجماعة القرآن الكريم وحده مرجعاً لها، وترفض السنة النبوية.
وقالت اللجنة -في بيان حصلت وكالة أنباء أمريكا إن أرابيك على نسخة منه-: "إن القرآنيين هم مجموعة صغيرة تقبل القرآن باعتباره مصدراً للإرشاد الديني، ومن ثَم اتهمتها الحكومة المصرية في الماضي بممارسة اعتقادات تزدري الإسلام".
وأضافت اللجنة -التي كانت تضم من بين أعضائها نينا شيا الأصولية الأمريكية التي نادت في أكثر من مناسبة بفرض العقوبات على مصر- أن المعتقلين من بينهم عبداللطيف محمد سعيد والذي قالت عنه إنه "كان يعمل في موقع ينشر الآراء الإصلاحية الإسلامية"، وعمرو ثروت الموظف في مركز ابن خلدون الذي يرأسه الناشط المصري دكتور سعد الدين إبراهيم.
وتابعت لجنة الحريات الدينية: "إن الحكومة المصرية لم تقل ما هي التهم التي تم اعتقال هؤلاء الرجال بسببها"، رغم ما أعلنته تقارير صحفية مصرية من أنهم يواجهون تهمة "ازدراء الأديان". وقالت: "إن المعتقلين قد تعرضوا لمعاملة سيئة من قبل جهاز أمن الدولة في مصر، وأنهم تعرضوا للتعذيب".
انتقادات للحكومة المصرية
ومن جانبها قالت فليتشه جاير رئيسة اللجنة: "يجب على الحكومة الأمريكية أن ترفع إلى أعلى المستويات، وبغير إبطاء، (قضية) اعتقال الحكومة المصرية للقرآنيين الخمسة والذين قد يتعرضون لمعاملة سيئة".
وقالت اللجنة: إن المعتقلين الخمسة موجودون حالياً لدى جهاز أمن الدولة الذي قالت: "إن لديه سجلاً موثقاً ومعروفاً في المعاملة المسيئة للمعتقلين"، مضيفة بأن ثمة "مشكلات خطيرة متعلقة بالتمييز والتعصب وانتهاكات أخرى لحقوق الإنسان منتشرة على نحو واسع ضد أفراد من الأقليات الدينية بمصر".
واستشهد بيان اللجنة بالحكم الذي صدر أوائل العام الجاري، في الإسكندرية (شمال مصر)، ضد المدون المصري عبدالكريم سليمان بالسجن لمدة 4 سنوات، 3 سنوات منها بتهمة ازدراء الإسلام والترويج للفتنة الطائفية، وسنة واحدة بتهمة انتقاد الرئيس المصري حسني مبارك.
كما أثارت اللجنة التي ترصد الأوضاع الداخلية في مصر عن كثب، قضية الحكم المتوقع صدوره في قضية الاستئناف المقدم من 45 قبطياً دخلوا الإسلام ثم ارتدوا للمسيحية لأسباب تتعلق بقضايا أحوال شخصية والتي تنظر فيها المحكمة الإدارية العليا في مصر. ويريد المستأنفون اعترافاً رسمياً برجوعهم إلى المسيحية في بطاقات الهوية، وهو ما رفضته محكمة أدنى درجة في إبريل الماضي.
توصيات للحكومة الأمريكية
وأوصت اللجنة أن تحث الحكومة الأمريكية نظيرتها المصرية على إزالة مسئولية الشئون الدينية من جهاز أمن الدولة، وإلغاء المادة 98 من القانون التي تجرم إهانة الإسلام والمسيحية واليهودية.
واختتمت اللجنة تقريرها قائلة: "يجب أن تطلب الحكومة الأمريكية من الحكومة المصرية، بالإضافة إلى ذلك، ضمان حماية جميع المصريين من التعرض للتمييز، وذلك بتعديل بطاقات الهوية، إما بحذف ذكر الدين أو أن تجعل ذكره من بين الخيارات المتاحة".
وتجدر الإشارة إلى أن اللجنة الأمريكية للحرية الدينية الدولية، هي هيئة شبه حكومية ذات جذور في الحركة الإنجيلية الأمريكية، وكان يرأسها في السابق إليوت أبرامز، وهو مسئول أُدين في عهد الرئيس الأمريكي رونالد ريجان بالكذب في فضيحة (الكونترا) وصدر عفو رئاسي عنه، ويشغل الآن منصب المساعد الخاص للرئيس جورج بوش لشئون الشرق الأوسط.

* نقلاً عن موقع أخبار ليبيا (3 يوليو 2007)

-----------------------------------------------------------
الرابط الأصلي / http://www.september69.com/september.html

هناك 13 تعليقًا:

  1. هل تحتاج إلى قرض لأي غرض؟
    تقدم بطلب عبر البريد الإلكتروني للحصول على عرض قرض بنسبة 3.5٪.
    طلب للحصول على مبلغ القرض من 3000lyd إلى 3000،000lyd.
    اختيار سداد القرض من 1 سنة إلى 30 عاما.
    rk0739292@gmail.com

    ردحذف
  2. مرحبا! يوم جيد،
       هل كنت تبحث عن مقرض القرض القانوني؟ هل تحتاج إلى عاجل
    قرض أو قرض الأعمال؟ هل تم رفضك من قرض من البنك الذي تتعامل معه أو
    أي شركة مالية؟ نحن نقدم شركة مقرها متخصصة في التمويل
    مشاريع قروض، قروض استثمارية أو قروض شخصية من 100،000.00 إلى
    20،000،000،000.00 مع أسعار الفائدة السنوية منخفضة جدا كما 2٪ في 5 سنوات
    إلى 20 سنوات فترة السداد وإلى أي مكان في العالم. قروضنا
    هي المؤمن جيدا لأقصى قدر من الأمن هو أولويتنا. المعلومات المطلوبة
    الاسم الكامل:
    مبلغ القرض:
    مدة القرض
    رقم الهاتف المحمول:
    بلد:
    ملاحظة: يجب إرسال جميع رسائل البريد الإلكتروني إلى: {CARLYELIZABETHFUNDS@GMAIL.COM]
    وإنني أتطلع إلى ردكم
       ملاحظة: البريد الإلكتروني {carlyelizabethfunds@gmail.com}

    ردحذف


  3. شركة تاج لتنظيف المنازل وتسليك المجاري ومكافحة الحشرات بالدمام 0551844053 تمتلك الشركة افضل الادوات المثالية التى تستخدم في
    عمليات التنظيف بمفهومها الشامل والحديث شركة تنظيف منازل بالدمام
    ومن خدمات شركة تاج ايضا بمدينة الدمام ومنها :
    شركة تسليك مجاري بالدمام
    شركة مكافحة حشرات بالدمام
    شركة مكافحة النمل الابيض بالدمام
    شركة المثالية للتنظيف بالدمام
    شركة مكافحة الحمام بالدمام والخبر


    ردحذف
  4. الاتصال للحصول على قرض آمن وغير مضمون لبدء الأعمال التجارية.
    الاتصال للحصول على قرض آمن وغير مضمون لشراء شقة.
    الاتصال بقرض آمن وغير مضمون لدفع الفواتير.
    يمكنك اقتراض مبلغ القرض من 3500 ليد إلى 8000،000 ليد.
    yh30289@gmail.com

    ردحذف
  5. هنا هو فرصة أخرى بالنسبة لك لتقديم طلب للحصول على قرض الآن، وهذا الرجل يمكن أن تساعدك في كل ما تحتاجه تسأل عنه، وهو رجل لديه الله الخوف في العقل. أنا لا أعرف كم أن أقول عنه، انه حلو جدا. لديه مساعدة الكثير من الناس. يرجى الاتصال به الآن أيضا لتبادل شهادتك الخاصة، والبريد الإلكتروني هنا أدناه.
    Andrewloanfirm800@hotmail.com
    اسمي بولو رانكين.

    ردحذف
  6. نحن نقدم قرضًا من 100000.00 يورو إلى 200000 يورو ، وبسعر فائدة معقول وبدون فحص ائتماني ، نحن نقدم قروضًا شخصية أو قروض توحيد الديون أو رأس المال الاستثماري أو قروض الأعمال أو قروض التعليم أو قروض الإسكان أو "القروض لأي سبب!" ؟ لدينا سعر فائدة ثابت 3 ٪!
    البريد الإلكتروني: Guaranteeloanoffer@outlook.com أو الاتصال على WhatsApp @ +38972751056

    ردحذف
  7. أنا سعيد للغاية لأنني حصلت على قرضي من السيدة سارة أبو بكر الآن حياتي عادت إلى طبيعتها ، وعملي يسير بسلاسة بفضل السيدة سارة أبو بكر ، يمكنك الاتصال به أيضًا إذا كنت بحاجة إلى قرض اليوم؟ البريد الإلكتروني له عبر: (Mrfrankpoterloanoffer@gmail.com)

    ردحذف
  8. أهلا بالجميع. لقد رأيت تعليقات من أشخاص تلقوا بالفعل قرضًا من قروض سابين ، ثم قررت التقديم وفقًا لتوصياتهم وأكدت ما مجموعه 50000 يورو على حسابي المصرفي الشخصي قبل بضع ساعات ، والذي تقدمت بطلب للحصول عليه. هذه أخبار رائعة حقًا وأوصي أي شخص يحتاج إلى قرض حقيقي لتقديم طلب عبر البريد الإلكتروني: Sabinhelps@gmail.com

    ردحذف
  9. أهلا بالجميع. لقد رأيت تعليقات من أشخاص تلقوا بالفعل قرضًا من قروض سابين ، ثم قررت التقديم وفقًا لتوصياتهم وأكدت ما مجموعه 50000 يورو على حسابي المصرفي الشخصي قبل بضع ساعات ، والذي تقدمت بطلب للحصول عليه. هذه أخبار رائعة حقًا وأوصي أي شخص يحتاج إلى قرض حقيقي لتقديم طلب عبر البريد الإلكتروني: Sabinhelps@gmail.com

    ردحذف
  10. عاجل قرض العرض هل

    بحاجة الى أي نوع من القروض؟

    هل تحتاج إلى قرض شخصي؟

    هل تحتاج إلى قرض عمل؟

    هل تريد دفع الفواتير؟

    هل تريد أن تكون مستقرة ماليا؟

    اتصل بنا للحصول على مزيد من المعلومات

    البريد الإلكتروني: Mrfrankpoterloanoffer@gmail.com

    ردحذف